جربت مؤخراً ما أُحب أن أسميه "استراتيجية العمل المظلم"، حيث قللت إلى الحد الأدنى كل تواصلي الاجتماعي، وأغلقت باب الدردشات واللقاءات غير الضرورية، ووهبت وقتي بالكامل للعمل العميق، والنتيجة؟ كأنني أصبحت فريقًا صغيرًا يعمل بنشاط مذهل، هل فعلاً كانت العزلة المؤقتة سرًّا من أسرار الإنتاجية؟ برأيكم هل يمكن للابتعاد عن التفاعل الاجتماعي أن يحسن جودة العمل؟ أم أن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى من حوله ليبدع؟
استراتيجية “العمل المظلم” كيف تزيد إنتاجيتك عبر تقليل التفاعل الاجتماعي؟
اريد ان استعمل ادبيات مرادفة للمعنى الذي رمتي اليه وسوف اعلل اذا أصاب المغزى ام لا :
"استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" .
ولا اغفل طبعا دور الاستشارة في نضج العمل ولكن في البدايات اخفاء الغايات لبلوغ الهدف وتجاوز الموهن والحاسد ومن يريد تسخيف الفكرة لغايات عرضية او قصدية والله اعلم
هذا الأمر حقيقي فعلاً، وألاحظه يحدث معي كثيرًا، فعندما أفصح عن فكرة أو هدف في بدايته أشعر وكأن الحماس يخفت قليلًا، وكأن طاقتي تتناثر بين التعليقات، بعضها محبط عن غير قصد، وبعضها يقلل من قيمة ما أفكر فيه، ولهذا أجد في عبارة "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" معنى عميق ليس المقصود به كتمان كل شيء، بل حماية البدايات حتى تشتد ثم عرضها على من نثق برأيهم، لا على كل من يصادفها في طريقها فيضعفها بدل أن يدفعها للأمام.
افهم تمامًا ما تعنيه لكن من وجهة نظري العزلة ليست دائمًا الحل الأمثل لأن الإنتاجية لا تعتمد فقط على الصمت والتركيز بل أحيانًا تحتاج إلى شرارة من تفاعل بسيط أو فكرة تلهمك من حوار عابر صحيح أن العزلة قد تفتح مجالًا للعمل العميق لكنها في أوقات أخرى قد تؤدي إلى جمود فكري أو حتى شعور بالخمول الاجتماعي أظن أن التوازن هو الأهم أن نعرف متى ننسحب لننجز ومتى نرجع لنستمد طاقتنا من الآخرين
بالضبط ولهذا ذكرت أنها عزلة مؤقتة، تحقق الغرض منها فقط وهو الهدوء، واستعادة التوازن، وترتيب الأفكار، فهي ليست انسحابًا دائمًا من العالم، بل مجرد استراحة ذكية نلجأ إليها حين تزدحم رؤوسنا وتحتاج أرواحنا إلى بعض السكون، لنعود بعدها أكثر وضوحًا وحيوية، ومزودين بطاقة جديدة نستمدها من أنفسنا ومن الآخرين.
التنظيم هو مفتاح النجاح، فالتفاعل الاجتماعي له مزاياه وعيوبه، ولا يمكننا طرحه بالكامل من حياتنا بسبب عيوبه، وأثناء ذلك نتغاضى عن مزاياه.
لي صديق قام بتحديد ساعات في أيام محددة يخرج فيها ليقابل أصدقاءه، وكذلك أيام محددة يقضيها بالكامل مع أسرته، لا يسمح لوسائل التواصل ولا للعمل في هذه الأيام أن يشتتاه عن الجلوس مع أسرته، وكذلك يستبعد أي مشتتات في ساعات جلوسه مع أصدقائه.
في مقابل ذلك يعطي العمل وقته الكامل المحدد سلفاً من قبله، فلا يكون ضحى بعمله من أجل حياته الاجتماعية، ولا ضحى بحياته الاجتماعية من أجل عمله.
التعليقات