في البداية، كنت أتحمّس لأي مشروع يُعرض عليّ، دون أن أتوقف كثيرًا عند الميزانية أو المدة. كنت أظن أن الأهم هو تراكم التجارب وبناء معرض أعمال قوي. لكن ما حدث هو العكس تمامًا: ضغط غير مبرر، ومشاريع لا تستحق المجهود المبذول، وفي بعض الأحيان، خسارة على مستوى الوقت والطاقة. مع الوقت، تعلّمت أن تقييم العرض لا يقل أهمية عن تنفيذ المشروع نفسه. أصبحت أراجع الميزانية المقترحة، وأقارنها بحجم الجهد، وأتأكد أن المدة المتاحة واقعية. وبدلًا من الشعور بالذنب عند الرفض، أصبحت أراه نوعًا من الحفاظ على الاستقرار المهني والنفسي. ومع ذلك، أحيانًا ما زالت تراودني لحظات تردد، خاصة عندما يكون المشروع مغريًا من ناحية المحتوى، لكنه لا يناسب الشروط التي وضعتها لنفسي. فكيف يمكن تحقيق هذا التوازن باستمرار؟
الميزانية والمدة عاملان أساسيان في قبول المشروع، فكيف تحدد ما يناسبك دون تردد؟
أرى أن الأمر ليس قواعد أو شروط، لأن لدينا عامل مهم جدا يؤثر على معدل قبولنا للمشاريع وحتى معاييرنا وهو معدل طلب السوق، فربما أكون بوقت لدي 3 مشاريع أعمل عليهم فعندما يأتيني الرابع هنا سأبدأ بالتفكير هل ميزانيته تستحق أن أضغط نفسي أكثر، وأخصص له وقت قد يتعارض مع وقتي الشخصي، وبالتالي سيختلف تقييمه عن ما إذا كان نفس هذا المشروع معروض عي ومعي مشروع واحد مثلا
صحيح، ضغط السوق يُعدّ عاملًا مؤثرًا فعلًا، ويجعل تقييمنا للمشاريع نسبيًّا بحسب الظروف. وهذا أمر واقعي لا يمكن إنكاره. لكن ما واجهته سابقًا أنني كلما تركت نفسي لهذا النوع من المرونة بشكل مستمر، وجدت نفسي أعود إلى نفس دائرة الإرهاق والضغط، حتى وإن بدا المشروع مغريًا أو يستحق التجربة. لذلك حاولت أن أضع لنفسي حدًّا أدنى لا أتنازل عنه، سواء من حيث الميزانية أو المدة، حتى وإن كانت الظروف توحي بعكس ذلك. ربما التحدي الحقيقي هو إيجاد توازن بين مرونة السوق، وبين الحفاظ على الاستقرار الذهني والجسدي.
طرحك مهم جدا لكل مستقل، فكرة تقييم المشروع نفسه وليس القبول بأي مشروع بهدف تراكم الخبرات أو الحصول على تقييم، هذه مهارة في حد ذاتها، على المستقل قبل قبول أو حتى التقدم لعرض عمل التفكير في عدة أمور مثل هل العرض المالي مناسب للجهد المبذول؟ هل الوقت المطروح يكفي أم سيسبب لي ضغطاً، هل هذا الضغط له ثمن؟ كل هذه الأمور يجب أن يضعها المستقل نصب عينيه قبل قبول أو رفض أي مشروع.
أتفق معك في أن تقييم المشروع مهارة لا تقل أهمية عن تنفيذ العمل نفسه. ومن تجربتي، لاحظت أن هذه المهارة لا تتوقف فقط على معرفة ما إذا كانت الميزانية أو المدة مناسبة، بل تمتد إلى معرفة قدرتي على الالتزام فعلًا في هذا التوقيت تحديدًا. أحيانًا أجد أن المشروع مناسب من حيث العرض المالي والمدة، لكني أمرّ بفترة لا تسمح لي بتقديم أفضل ما عندي، وهنا يكون القرار أصعب. لذلك أصبحت أتعامل مع كل مشروع كجزء من الصورة الكاملة لحالتي المهنية والنفسية، وليس كعرض منفصل.
التعليقات