من التحديات التي نواجهها كمستقلين في بداية مشوارنا هو غياب استراتيجية تسعير واضحة. أحيانًا نضع أسعارًا عشوائية بدافع الخوف من خسارة العملاء، وأحيانًا نبالغ في التسعير دون أن نراعي وضع السوق أو القيمة الفعلية للخدمة. والنتيجة؟ إما خسارة فرص عمل مهمة، أو أرباح غير مستقرة لا تضمن لنا استمرارية العمل. برأيكم، كيف يمكن لنا كمستقلين أن نضع استراتيجية تسعير متوازنة وعادلة؟
عدم وجود استراتيجية تسعير واضحة يؤدي إلى خسارة فرص وربحية غير مستقرة.
التسعير ليس مجرد رقم نضعه، بل هو انعكاس لفهمنا لقيمة خدماتنا، وظروف السوق، ونوعية العملاء الذين نستهدفهم.
لو أخذنا هذه العوامل وقت التسعير ستكون النتائج ممتازة ، فمثلا قبل أن أسعّر أي خدمة، اسأل نفسي، كم من الوقت سأقضيه فعليًا في تنفيذ المشروع؟
ما هي التكاليف المباشرة وغير المباشرة (برامج، أدوات، كهرباء، إنترنت…)؟
ما هو الحد الأدنى الذي يضمن لي استمرارية العمل دون استنزاف؟
وبناء عليه أضع القيمة وبناء عليه أزيد السعر من وقت للآخر، وهكذا بالنسبة العوامل الأخرى التي ذكرتها بالأعلى.
أرى أن التسعير لا يكون عملية فردية، فقد يحسب المستقل ثمن وقته وثمن تكاليفه، لكن في النهاية هناك قوى من العرض والطلب تتحكم في أسعار المشاريع والخدمات، فنجد ما يقرب من 80% من المشاريع تتفق في متوسط أسعارها في مجال معين، ومعظم العاملين في هذا المجال يوافقون على هذا المتوسط وبالتالي تكون تحددت أسعار الخدمات مسبقاً بدون تدخل مباشر منّا.
بالضبط وهذا ذكرته بأول سطر فظروف السوق عامل مهم جدا لا يمكننا تجاهله، وهذا يتضح جليا في الفروقات بين الأسواق الدولية، يعني لو سأعمل مع عميل مصري سيكون مختلف عن خليجي، كذلك لو عملت بسوق الطلب عالي جدا وسوق الطلب به منخفض، كل هذه اعتبارات يجب أن نضعها بالحسبان
يعني لو سأعمل مع عميل مصري سيكون مختلف عن خليجي
ربما مراعاة ظروف الأسواق ليس لنا يد فيه، لكن لا أعتقد أن تسعير الخدمة على حسب حالة "العميل" الاقتصادية هو نوع صحيح من أنواع التسعير، كما أن تسعير العميل لخدماتنا لا يجب أن يعتمد على قوة عملتنا الوطنية من ضعفها، فأنا أشعر بالتفرقة إذا علمت أن المستقل الأمريكي سيأخذ 500 دولار لإنجاز عمل، ونفس العميل سيعطيني 100 دولار فقط مقابل تقديمي عمل بنفس الجودة التي يقدمها المستقل الأمريكي.
لذلك لا أرى من الصواب تحديد قيمة الخدمة بناءاً على يسر العميل وقدرته على الدفع.
صحيح أن احتساب الوقت والتكاليف يساعد في وضع سعر منطقي، لكن أحيانًا التحدي لا يكون في الرقم بحد ذاته، بل في قدرة العميل على إدراك القيمة التي نقدمها. فوجود منافسين يعرضون نفس الخدمة بأسعار أقل قد يجعل السعر العادل في نظرنا يبدو مرتفعًا في نظر العميل. هنا لا يكفي أن نحدد السعر بناءً على معطياتنا فقط، بل يجب أن نعمل أيضًا على إبراز جودة خدمتنا والنتائج التي تميزنا، حتى نتمكن من تبرير هذا السعر بطريقة مقنعة.
الفرق إسراء يدركه العميل بناء على جودة الخدمة، يعني أنا مستقل جديد لو وضعت رقم فقط على الوقت والتكاليف لن يستوعبه صاحب المشروع ولكن إن كان لدي خبرة لو طلبت رقم يكافىء خبرتي سيدفع، وهذا حدث معي مع أكثر من عميل تعاملت معهم تعامل مستمر، بدأت برقم ولكن لأني أثبت جدارة أشاد بها صاحب المشروع، منهم من طلبت منه زيادة ووافق مباشرة ومنهم من رفع السعر دون طلب، لذا الموضوع متعلق بعدة عوامل وليس عامل واحد
اعتقد أن خطة التسعير الجيدة لابد أن تعتمد على عدة عوامل منها تكلفة الوقت المبذول، سعر الخدمة في السوق - قد يعتقد البعض أنه عندما يحاول الحصول على أقل رقم أن هذه شطارة ولا يعلم أنه بهذه الطريقة قد تسبب في خسائر لزملائه وتردي وضع مهنته، بمعنى في مجال كتابة المحتوى بعض الكُتاب يقبلون بأسعار لا يمكنني أن أصفها سوى بالبائسة، هؤلاء يضرون زملائهم أشد ضرر، حيث يتعامل العملاء مع كتابة المحتوى كأنها عمل لا يستحق الدفع من أجله اصلا!! مرة قابلت عميل كنت سأكتب له سكريبت وطلبت رقم ليخبرني أن المونتاج سيأخذ نفس القيمة أو أكثر قليلاً وكأن المونتاج أهم من الكتابة! والله أنني توقفت عن الكتابة لفترة بسبب كل هذه الحماقات.
الخلاصة خطة التسعير تعتمد على قيمة الوقت والجهد المبذول ، مع مراعاة الأسعار في السوق ، مع مراعاة اعتبارات مثل الكهرباء والانترنت ، كل هذه امور يجب وضعها في الاعتبار
لفتِ نظري إلى نقطة مهمة، وهي تأثير تسعير بعض المستقلين على الصورة العامة للمجال، لكن في رأيي التحدي الأكبر يكمن في اختيار الفئة المستهدفة نفسها. فبعض العملاء يبحثون عن الأرخص دون أي اعتبار للجودة، وهؤلاء مهما وضّحنا لهم قيمة الخدمة فلن يقدروها. لهذا أعتقد أن جزءًا من استراتيجية التسعير يجب أن يشمل تحديد من نخاطب بخدماتنا، وكيف نصل إلى الفئة التي تدرك فعلاً قيمة الجهد المبذول، بدلاً من الدخول في منافسة استنزافية على الأسعار.
في العمل الحر يحدث مثلما يحدث في أسواق الواقع، حيث أن العرض والطلب يحددان الأسعار أكثر من أي شيء آخر، فلو نظرنا للخدمات مثل التصميم، والبرمجة، والترجمة، سنلاحظ وجود مدى سعري محدد له حد أدنى وحد أقصى يظهر في أسعار المشاريع المطروحة، ويلقى التأييد في عدد العروض المطروحة على المشروع، مما يوحي بقبول الأغلبية لهذا المدى السعري.
أتفق أن العرض والطلب يلعبان دورًا كبيرًا في تحديد نطاق الأسعار، لكن أرى أن الاكتفاء بمراقبة السوق فقط قد يضع المستقل تحت رحمة الأسعار المتداولة دون أن يطور طريقة تسعيره الخاصة. وجود مدى سعري لا يعني بالضرورة أن كل من يقدّم الخدمة عليه أن يلتزم به، بل الأهم أن يحدد كيف يمكنه تبرير موقعه داخل هذا المدى، سواء بتقديم قيمة مضافة، أو بناء سمعة قوية، أو حتى اختيار فئة عملاء مختلفة. السوق يرسم الإطار العام، لكن الاستراتيجية الشخصية هي ما تحدد الثبات داخله.
أخبرني أحد اصدقائي وهو لديه خبرة في العمل الحر بهذا الشأن وأخبرني أن كثير من المستقلين يبدؤون التسعير من الخارج، فيفكرون في أمور مثل كم يدفع السوق، كم يأخذ فلان، ما هو الحد الأدنى؟.
لكن قليلًا ما يبدأون من الداخل وهو الأهم، أن تسأل نفسك كم أحتاج شهريًا لأعيش حياة كريمة ومستقرة؟ هذا السؤال هو نقطة البداية الحقيقية.
وليس هذا لتضخيم السعر، بل لضمان الاستقرار المادي.
التعليقات