من الطبيعي أن تواجه الأم العاملة من المنزل تحديات كبيرة في تحقيق دخل مستدام دون التأثير على واجباتها الأسرية. العمل الحر يمنحها المرونة التي تحتاجها، لكنه يتطلب مهارات تنظيمية عالية لتوزيع الوقت بين المهام المهنية ومتطلبات الأسرة. أحيانًا يكون من الصعب الفصل بين العمل والمنزل، مما يسبب ضغطًا نفسيًا وتأثيرًا على جودة الأداء في كلا المجالين. لذا، كيف يمكن للأم التي تعمل من المنزل أن توازن بين تحقيق دخل كافٍ وأداء واجباتها الأسرية دون أن تضحي بأي جانب؟
العمل الحر من المنزل: كيف تحقق الأم دخلًا دون الإخلال بواجباتها الأسرية؟
العمل الحر أو العمل عن بعد كثقافتين متقاربتين هم الأنسب والأفضل للمرأة، فلا تكون عرضة للاحتكاك مع أحد، لا تكون عرضة للإرهاق في الطريق ذهابا وإيابا للعمل وبنفس الوقت هي بنفس المنزل مع أولادها وهذا وحده ميزة قوية جدا، أما فكرة التوزان يمكن تحقيقها هنا بسهولة، لأن العمل من المنزل يوفر مرونة كبيرة بداية من تحديد ساعات العمل، وفقا لترتيب يوم كل واحدة فمثلا أنا أخصص ساعات عملي بنفس مواعيد دراسة أولادي، بحيث عندما يكونوا متواجدين أكن متاحة معهم لخلق مساحة كبيرة بينا كتشارك وحديث ولعب أحيانا، كما اني أحدثهم دوما عن طبيعة عملي واجتماعاتي وفريق العمل الذي يعمل معي، هذا يخلق لديهم الشعور بالمسؤولية سواء تجاه عملي والتعاون معي أو حتى بتأهيلهم لدورهم المستقبلي وتحمل المسؤولية مستقبلا،
اتفق معكِ في بعض النقاط ولكن لدي بعض التساؤلات عندما يكون العمل من المنزل أشعر بعزلة عن العمل التقليدي، عملي السابق كان يجبرني على الخروج فكنت اتمشى كرياضة في طريق عودتي، اشتري طلباتي لأرى الجديد في السوق والأسعار لأشعر أنني لست بمعزل عن العالم ، أما في العمل الحر أشعر بالعزلة، أعلم أن كل شيء وله ثمن، وبالفعل العمل الحر يوفر عناء المواصلات والاحتكاك وتوتر الناتج عن الوقت والمواعيد.
أيضا لدي تساؤل حول الأطفال هل بالفعل يمكن تعليمهم أن ماما الآن في عمل فيجب احترام هذا، هل يمكن تدريبهم على هذه القاعدة ام الاطفال الكبار فقط هم من يمكنهم تفهم الأمر؟
بالنسبة للممارسة الرياضة أربطها بموعد بدئي للعمل وبذلك ألتزم بها دوما، مع طبعا تخصيص يومين بالأسبوع للخروج ضمن تجمعات بالنادي لكسر الروتين والمشي وبناء علاقات اجتماعية تعوض العمل التقليدي، فالعلاقات الاجتماعية يمكن بنائها بأي مكان.
أيضا لدي تساؤل حول الأطفال هل بالفعل يمكن تعليمهم أن ماما الآن في عمل فيجب احترام هذا، هل يمكن تدريبهم على هذه القاعدة ام الاطفال الكبار فقط هم من يمكنهم تفهم الأمر؟
بالتأكيد ولكن الأمر يحتاج لتدريب وأحيانا مكافئات إن كان العمر صغير، تدريجيا التعود سيخلق لديهم هذا الفهم وبناء فكرة الاحترام للعمل وما يرتبط به، خاصة عندما انهي عملي ألعب معهم كما يطلبون، نخرج إن أرادوا، يعني أتعامل معهم بما يرضيهم ليحفزهم على ذلك فيما بعد
ما ذكرتِهِ مهم فعلًا، لكن أحيانًا لا تكون المشكلة في تنظيم الوقت، بل في نظرة المحيطين بالأم لعملها. كثير من الأمهات اللاتي يعملن من المنزل يُنظر إلى عملهن كأنه أمر ثانوي يمكن التخلّي عنه في أي لحظة، وهذا يجعل تحقيق التوازن أكثر صعوبة. كما أن الطفل أحيانًا لا يحتاج فقط إلى وجود الأم الجسدي، بل إلى حضورها الكامل واهتمامها، مما يخلق صراعًا داخليًا لدى الأم، خاصة إذا كان عملها يتطلّب تركيزًا عاليًا أو اجتماعات مستمرة. لذا، فالتحدي لا يكمن دائمًا في إدارة الوقت، بل في بناء بيئة تحترم عمل الأم، سواء من قِبل أفراد الأسرة أو حتى من الطفل نفسه.
الحل لا يبدأ بتوزيع الساعات، بل بإعادة ترتيب الأولويات. هناك مشاريع تُبنى على فترات نوم الطفل، وعملاء يتفهمون أنك لن تردي في دقيقة، ومهام لا تستحق القلق إن تأخرت قليلًا.
الذكاء ليس فقط في تنظيم الوقت، بل في اختيار نوع العمل، ونوعية العملاء، وسقف التوقعات. فالمرونة لا تعني أن تكوني متاحة دائمًا، بل أن تخلقي لنفسك نظامًا يقبل التعديل، ويحتوي الحياة كما هي: فوضى جميلة، لا جدولًا صارمًا.
تحقيق الدخل من المنزل ليس تنازلًا عن دور الأم… بل امتداد له، ولكن بلغة مختلفة.
أعجبني تشبيهك للفوضى الجميلة، فهو يعبّر بدقة عن الواقع الذي تعيشه كثير من الأمهات. لكن أحيانًا، حتى مع إعادة ترتيب الأولويات واختيار نوع العمل المناسب، تبقى الضغوط قائمة إذا لم يتوفر دعم حقيقي من المحيط. فالأم التي تعمل من المنزل قد تبني نظامًا منظمًا وفعّالًا، لكن أي خلل بسيط في يومها كمرض طفل أو التزامات طارئة قد يُربك التوازن بسرعة. لعلّ التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في خلق النظام، بل في قدرة الأم على التكيّف السريع مع المتغيرات دون أن تشعر بالتقصير أو تفقد ثقتها بكفاءتها.
من الضروري أن تمنح الأم لنفسها مساحة للرحمة والمرونة، فليس من الضروري أن يكون كل شيء مثاليًا في كل لحظة، بل الاستمرارية والنية الصادقة هما مفتاح النجاح الحقيقي.
صحيح، منح النفس بعض الرحمة والقبول مهم جدًا، خصوصًا مع ضغوط العمل والحياة اليومية، لكن أحيانًا المجتمع نفسه لا يمنح الأم تلك المساحة، بل يحمّلها مسؤولية الكمال في كل دور تؤديه. فحتى مع النية الصادقة والاستمرارية، قد تشعر الأم بالذنب تجاه أحد الجانبين إما العمل أو الأسرة كلما اختل التوازن. لذلك، أعتقد أن التحدي الحقيقي لا يقتصر على المرونة الداخلية فقط، بل يتطلّب أيضًا بيئة داعمة تتقبّل فكرة أن السعي للكمال ليس شرطًا للنجاح.
جيتي ع الجرح، بالفعل الأمر ليس بالسهولة المتوقعة خاصة في حالة وجود أطفال صغار يتوقعون منك تلبية احتياجاتهم في كافة الأوقات بما فيها اللعب، أطفال لا يفهمون معنى التزامك بعمل آخر سواهم، أحيانا أشعر أن العمل التقليدي ربما يكون أفضل، فهو يمكن الأم من أن تلحق أطفالها بحضانة أو الاستعانة بوالدتها أو حماتها لرعاية الأطفال ، للتفرغ للعمل في ذلك الوقت، في العمل الحر هذا الاختيار غير متاح لأن نظرة من حولك تكون طالما أنك بالمنزل من الأفضل أن يبقى الأطفال معك، أنتِ تعملين من المنزل إذن هو عمل سهل!!
في خطتي أن استعين بالروضة بغض النظر عن آراء الآخرين، بالنسبة لباقي الواجبات يمكن تخصيص يوم للتنظيف أو ساعة إن أمكن في نهاية اليوم للتنظيف، مع ملاحظة" مفيش بيت فيه عيال بينضف😅"
مع وضع خطة للطعام بشكل أسبوعي مثلاً وتحضير الطعام من الليل
فعلاً كثيرون يظنون أن العمل من المنزل أسهل، لمجرد أنكِ لا تغادرين البيت، متجاهلين تمامًا ضغوط الأطفال ومتطلبات المنزل التي لا تنتهي. إعجابك بالحلول العملية مثل الاستعانة بالروضة أو التخطيط الأسبوعي للطعام والتنظيف يُظهر وعيًا كبيرًا بأهمية التنظيم لتقليل الضغط. وأعتقد أن التحدي لا يقتصر فقط على وجود الأطفال، بل يمتد أيضًا لنظرة المحيطين للعمل من المنزل. من وجهة نظري، الأمر يتطلب حزمًا في رسم حدود واضحة بين وقت العمل ووقت العائلة، حتى لا يُستهلك وقتك بالكامل في محاولات التوفيق غير المنضبطة. الاستمرارية في هذا النمط تتطلب دعمًا ممن حولنا وفهمًا بأن العمل من المنزل لا يعني أننا متاحات طوال الوقت.
من رأيي أنه إذا كان الوضع المادي للمرأة جيد وهناك زوج يقوم بمسؤولياته كاملة وهي تريد العمل فقط من أجل العمل فقط، فربما يجب عليها الاكتفاء بوجودها في المنزل وبالهدوء النفسي ورعاية الأطفال الصغار أو الرُضع، فالشعور بالإرهاق والتقصير الدائميين بحق أطفالك وبيتك ونفسك لا يستحق مقابل المال.
أما إذا كانت تعمل لتحقيق هدف معين أو اضطرارًا لظرف ما، فعليها ألا تبالغ في ضغط نفسها، وتحاول تسهيل الأمور على نفسها مثل شراء غسالة أطباق، أو استئجار من تقوم بتنظيف البيت أسبوعيًا، أو شراء خضار أو أصناف مُجهزة على الطبخ أو أكلات جاهزة من مشاريع الأكل الخاصة بربات البيوت، وهكذا..
أحترم وجهة نظرك كثيرًا، وأتفق أن وجود دافع حقيقي خلف العمل يجعل الأمر أهون وأكثر احتمالًا. تفكيرك العملي في تقليل الضغط من خلال حلول بسيطة وواقعية مثل الأجهزة المساعدة أو الاستعانة بخدمات خارجية، فعّال جدًا ويساعد الأم على الاستمرار دون إنهاك. وأري أيضاً حتى وإن لم تكن هناك حاجة مادية مُلحة، قد يكون للعمل من المنزل بُعد نفسي ومعنوي مهم للأم؛ شعور بالعطاء خارج نطاق الأسرة، وتحقيق الذات، وتنمية المهارات. لكن بالتأكيد، كل أم أدرى بظروفها وبالطريقة الأنسب لحياتها، والأهم دائمًا أن تظل على وعي بحدود طاقتها، ولا تسمح بأن يتحول السعي لتحقيق التوازن إلى مصدر ضغط جديد.
بشكل عام المرأة العاملة لا بد أن تدفع ثمنا ما مقابل عملها سواء عمل رسمي في المكتب أو عمل حر من المنزل، كلاهما يحتاج إلى وقت و تركيز ليكون ناجح ويحقق أهدافه من دخل مستدام و توفير مصدر رزق.
بالرغم من أن معظم النساء تلجأ للعمل بسبب الحاجة للمال وهذا عمل يحترم و دور عظيم لتوفير احتياجاتها هي و الأولاد، ولكن هذا لا ينفي أن الأسرة ستدفع ثمن ذلك بطريقة أو بأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر، الوقت المخصص للأبناء سيكون أقل و سيؤثر على علاقتهم بالأم، الأم ستكون غالبا مرهقة و مزاجها متقلب و حتى بعد أوقات الدوام ستكون بحاجة للراحة و لن تكون مهتمة ببيتها و أسرتها كما لو كانت متفرغة.
أوافقك تمامًا أن العمل، سواء كان رسمي أو حر، يتطلب وقت وتركيز، وأن هناك ثمناً يُدفع على الصعيد الأسري والشخصي، خصوصًا للأمهات. الضغط والإرهاق والتأثير على المزاج هي تحديات حقيقية تواجهها الكثيرات، وهذا ما يجعل التنظيم والمرونة أمر ضروري. من وجهة نظري، رغم هذه التحديات، يمكن للأم العاملة من المنزل أن تحقق توازنًا مرضيًا بين العمل والأسرة إذا وضعت خطة واضحة، وحددت أولوياتها بذكاء، واستعانت بالدعم المناسب سواء من الأسرة أو خدمات خارجية. فالعمل الحر يمنحها فرصة لتحقيق استقلال مالي وتنمية ذاتية، وهو أمر لا يقل أهمية عن الواجبات الأسرية، طالما كان بوعي وبتوازن يحمي الصحة النفسية والعلاقات الأسرية.
في الحقيقة لا توجد وصفة سحرية تضمن التوازن الكامل ولكن هناك سعي يومي واقعي نحاول من خلاله الوصول إلى هذا التوازن كأمٍّ أعمل من المنزل كثيرًا ما أجد نفسي بين مطرقة الالتزامات المهنية وسندان الواجبات الأسرية خاصة حين تحتاج طفلتي إلى حضني في ذات اللحظة التي يتوجب عليّ فيها تسليم عمل ما.
لكن ما علّمتني إياه الحياة هو أنني لست مضطرة لأن أكون مثالية يكفيني أن أكون حاضرة بقلب صادق بدأت أنظّم يومي بناءً على طاقتي لا وفقًا لصورة مثالية مستحيلة صرت أطلب المساعدة من زوجي وأُرجئ المهام غير العاجلة حين يلزم الأمر.
وتفاجأت أن تلك البساطة خففت عني كثيرًا وجعلتني أُقدّر اللحظات الصغيرة.
الأم التي تعمل من المنزل ليست أقل كفاءة ولا أقل حنانًا بل هي تخوض تحدّيًا مضاعفًا وكل خطوة تتخذها في طريق تحقيق التوازن بين أسرتها وعملها هي خطوة شجاعة تستحق التقدير والإشادة .
التعليقات