كنت دائماً أضع مشاريعي والعملاء في المقام الأول، وأعتقد أن تقديم الأفضل لهم يتطلب مني التضحية بكل شيء آخر. كنت أعمل لساعات طويلة، أترك حياتي الشخصية جانباً، وأهمل راحتي وصحتي. في يوم من الأيام، شعرت بالإرهاق الشديد، وأصبحت غير قادرة على التركيز أو العطاء بنفس القوة التي كنت عليها في السابق. عندها أدركت أنني إذا استمررت في تجاهل نفسي بهذا الشكل، سأصل إلى مرحلة لا أستطيع فيها تقديم أفضل ما لدي في العمل. بدأت أفكر في كيفية وضع نفسي في قائمة الأولويات دون أن أكون أنانية. برأيكم كيف يمكنني ذلك دون التأثير سلبًا على العمل ونتائجه؟
نحن أهم من مشاريعنا: كيف نضع أنفسنا في قائمة الأولويات؟
لم أدرك هذا إلا بعد وعكة صحية وتدهور لا أعرف أين ومتى سينتهي، لذلك أقول أننا يجب أن نأتي في المقام الأول قبل الدراسة وقبل العمل وقبل أي مسعى.
ويجب أن ننظر في الأثر البعيد لكل عادة وأن لا نكتفي بأن العادة موجودة ولا تأثر اليوم لأن التأثير سيأتي لا محالة وأهم العادات هي عادات النوم والجلوس والتغذية لأن العبث بها تكلفته سيئة للغاية.
أنا أرى الحل في تنظيم الأعمال بالقدر الذي لا نكون به فرطنا وقصرنا وبنفس الوقت لا نقول اسرفنا وقسونا على أنفسنا، لأن هناك فارق بين التخفيف للحفاظ على أنفسنا والتخفيف الذي قد تدفعنا له النفس للمماطلة والكسل
قبل أي شيء تكون هناك علامات للإرهاق ولا يأتي مرة واحدة عادة، فيجب الانتباه لهذه العلامات، وعدم الإثقال على النفس بكثير من المهام، ذلك يتطلب اختيار مسؤوليات وعدد مشاريع مناسب من البداية، وعدد ساعات نوم وراحة مناسبة لوقت العمل، كذلك اختيار غذاء صحي وممارسة الرياضة بانتظام تقلل من معدلات الإرهاق، والتقليل من وسائل الانشغال البصري والسمعي، بمعنى لو أثقلنا العمل يجب أن نستغني عن الأوقات التي نقضيها أمام التلفاز والسوشيال ميديا، وتوفير ذلك الوقت للاستجمام ولو 10 دقائق في الظلام أثناء اليوم، فهذا مريح للحواس.
أحيانًا لسنا ضحية ضغط خارجي بقدر ما نحن أسرى تصورات مغلوطة عن النجاح. معظم العملاء لا يتوقعون منكِ العمل طوال اليوم، بل يتوقعون نتائج عالية الجودة. العمل مهما كان رائعًا لا يجب أن يكون على حساب الصحة الجسدية والعاطفية. فالعطاء لا يكون بالكمّ بل بالكيف. أقترح أن تُعيدي تصميم يومك كما تصمّمين مشاريعك بخطة واضحة، ووقت مخصص للراحة، ومرونة في التنفيذ.
مررت بتجربة مشابهة تمامًا. كنت أعتقد أن التفاني الكامل في العمل هو السبيل الوحيد للنجاح، لكن وجدت نفسي أُستنزف يومًا بعد يوم، حتى وصلت لمرحلة من الإنهاك جعلتني غير قادر على الإبداع أو حتى اتخاذ قرارات بسيطة. حينها أدركت أن الاهتمام بالنفس ليس رفاهية، بل ضرورة. بدأت بتخصيص وقت يومي للراحة، ولو كان بسيطًا: رياضة خفيفة، قراءة، أو حتى جلسة تأمل. المفاجأة أن إنتاجيتي تحسنت، وأفكاري أصبحت أكثر صفاءً. الاهتمام بالنفس لا يعني الإهمال، بل هو استثمار طويل الأمد في جودة ما نقدمه
وأهمل راحتي وصحتي. في يوم من الأيام، شعرت بالإرهاق الشديد، وأصبحت غير قادرة على التركيز أو العطاء بنفس القوة التي كنت عليها في السابق.
أهلاً إسراء، أتمنى أن تكوني بخير الآن.
أنتِ بالفعل طرحتِ نقطة هامة، وهي التوازن بين التفاني في العمل والاهتمام بالنفس. مجتمعاتنا غالبًا تروج لفكرة أن "التضحية بالنفس" هي الطريق إلى النجاح، ولكن في الواقع، إهمال صحتنا يمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد.
أعتقد أن هناك دراسة حديثة من جامعة هارفارد تشير إلى أن التوازن بين العمل والحياة الشخصية له تأثير إيجابي على الإنتاجية والإبداع، حيث أن الراحة النفسية والجسدية ليست ضرورية فقط للرفاهية الشخصية، بل أيضًا لتحسين الأداء في العمل. الإرهاق المستمر يقلل من قدرة الشخص على التفكير النقدي واتخاذ قرارات جيدة.
بالنسبة للسؤال المطروح محل النقاش، أعتقد أن الإجابة تكمن في إعادة تعريف مفهوم التوازن. التخطيط الجيد هو المفتاح. تحديد ساعات عمل واضحة وتخصيص أوقات للاسترخاء يمكن أن يزيد من الإنتاجية بشكل كبير، فالجودة أهم من الكمية.
أيضًا، التواصل الشفاف مع العملاء أو فرق العمل حول أهمية التوازن يساعد في تقليل التوقعات غير الواقعية.
وأيضا لا يمكننا اهمال، تقنيات إدارة الوقت مثل "بومودورو" (العمل بفترات محددة مع فواصل قصيرة) يمكن أن تكون فعّالة في الحفاظ على التركيز وعدم الاستنزاف الذهني.
لكن هل تعتقدين أنك قادرة على تحقيق هذا التوازن في حياتك العملية؟
أوافقك على أهمية التخطيط وإدارة الوقت، لكن بالنسبة لي لم تكن المشكلة في التنظيم بقدر ما كانت في شعوري بالذنب حين أقرر أن آخذ قسطاً من الراحة. كنت أشعر أنني أضيع وقت ثمين، أو أنني أقصّر في عملي، حتى وإن كنت مرهقه تماما. هذا الصراع الداخلي مرهق جداً، لأنه يجعلني أعود للعمل دون طاقة حقيقية، وكأنني أحاول تعويض ما فقدته من وقت. أظن أن التوازن الحقيقي يبدأ من الداخل، من تصالحنا مع فكرة أن الراحة ليست كسلاً، وأننا كبشر لسنا آلات تعمل بلا توقف.
كلامك عميق جدًا، إسراء، وفعلاً يلقي الضوء على بُعد نفسي مهم جدًا في موضوع التوازن، وهو شعور الذنب المرتبط بالراحة. وفعلاً، هذا الصراع الداخلي غالبًا ما يكون أكثر إنهاكًا من ضغط العمل نفسه.
لكن اسمحي لى ان اطرح عليك سؤال مهم: من أين جاء هذا الشعور بالذنب؟ هل هو نابع من توقعات داخلية صارمة نضعها لأنفسنا؟ أم أنه انعكاس لضغط مجتمعي يُقنعنا بأن القيمة تُقاس بالإنتاج فقط؟
ما مررتي به طبيعي ويحدث لكثيرين ممن يضعون العمل في المرتبة الأولى. التوازن لا يعني التقصير، بل هو وسيلة للحفاظ على الاستمرارية والعطاء بجودة. من حقك أن تهتمي بنفسك دون شعور بالذنب، فالراحة ليست ترفا بل حاجة. ابدأي بخطوات بسيطة: وقت محدد لنفسك، وحدود واضحة للعمل، وستجدين أن النتائج لم تتأثر، بل تحسنت.
التعليقات