عندما بدأنا العمل الحر، كنا نبحث عن الاستقلالية والمرونة، لكننا سرعان ما أدركنا أن الاعتماد الكامل على العملاء يجعل دخلنا غير مستقر. في كل مرة ينتهي عقد أو يتوقف عميل عن طلب الخدمات، نجد أنفسنا في دوامة البحث عن البديل. لهذا فكرنا في بناء مشروع جانبي يمنحنا نوعاً من الأمان المالي، لكنه لم يكن سهلاً، خاصة مع ضيق الوقت وعدم وضوح الطريق لتحقيق دخل ثابت منه. البعض استطاع تحقيق نجاح في ذلك، بينما لا يزال الآخرون يبحثون عن الطريقة المثلى لتحقيق التوازن بين العمل الحر والمشروع الجانبي. فكيف يمكننا بناء مشروع جانبي مستدام دون أن يؤثر على عملنا الأساسي؟
لماذا يجب أن يفكر كل مستقل في بناء مشروع جانبي؟
أعتقد أن الطريقة الأفضل لبناء المشروع هي أن يكون المشروع مرتبطاً بالمهارات التي نستخدمها في العمل الحر. مثلاً، لو كنت مصمم جرافيك، فأنشئ متجر إلكتروني لبيع تصاميم جاهزة. أو لو كنت كاتباً، أنشر كتباً إلكترونية أو أنظم دورات تدريبية؟ بهذه الطريقة، لن اشعر أن المشروع الجانبي يستهلك وقت إضافي، بل سيكون امتداداً طبيعياً لعملي الأساسي
الربط بين المشروع الجانبي والمهارات الأساسية فكرة جيدة، لأنه يقلل من المجهود الإضافي ويجعل التوسع أكثر سلاسة. لكنه قد يحمل تحدياً غير مباشر، وهو احتمالية البقاء في نفس الدائرة دون استكشاف فرص جديدة. في بعض الحالات، قد يكون للمستقلين اهتمامات جانبية يمكن تحويلها إلى مشاريع ناجحة بعيداً عن مجالهم الأساسي، مما يوفر مصدر دخل إضافي بدون الاعتماد الكامل على نفس نوع العملاء أو نفس السوق. هل تعتقد أن الالتزام بالمجال الأساسي هو دائماً الخيار الأفضل، أم أن خوض تجربة مختلفة قد يفتح فرصاً غير متوقعة على المدى الطويل؟
هي أن يكون المشروع مرتبطاً بالمهارات التي نستخدمها في العمل الحر.
ليس شرطًا، قد أعمل مثلا كمبرمج كمستقل، ولكن لدي مهارات مثلا لبناء مشروع خياطة أو تأسيس مكتبة رقمية وغيره. يكفي أن يكون المشروع يساهم في تعزيز إبداع المستقل، المال سيأتي بالتأكيد حتى لو كان لاحقًا، المهم هنا ان يشعر الفرد بالمتعة والسعادة أثناء العمل في مشاريع مختلفة عن مجال عمله، حتى انه يمكنه القيام به كشراكة مع صديق مثلا، قد يكون هذا الشخص لديه مهارات أخرى تكمل المهارات التي يملكها المستقل.
مؤخراً بدأت أفكر في مشروع شخصي، ولكن حتى لم أبدأ في التفكير في ماهيته أو كيفية البدأ به؛ لأن لدي مخاوف من عدم القدرة على الموازنة، وأشعر أنني سأكون مضغوط ومشتت، فلا أهتم بعملي كفاية ولا أهتم بمشروعي كفاية وهذا أخطر بكثير من فكرة عدم الاستقرار المالي.
فكرت أن أبدأ في الاستثمار مع شخص بالمال فقط، وأكتفي بالمتابعة من وقت لآخر، أو العمل في حالة توفر الوقت وفي أيام العطلة من العمل الأساسي، وغالبا سأذهب خلف هذه الفكرة لكونها لا تعتمد على اهتمامي وتركيزي الكامل على المشروع
فكرت أن أبدأ في الاستثمار مع شخص بالمال فقط، وأكتفي بالمتابعة من وقت لآخر...
فكرة الاستثمار المالي بدلاً من الانخراط الكامل في المشروع تبدو كحل عملي لتجنب التشتت، لكنها قد تحمل تحدياً آخر وهو فقدان السيطرة على تفاصيل المشروع واتجاهه. أحياناً، حتى المتابعة من وقت لآخر لا تكون كافية إذا لم يكن هناك وضوح في الأدوار والمسؤوليات بين الشركاء. هل فكرت في نموذج يتيح لك الجمع بين الأمرين دون تضارب؟ مثل إنشاء مشروع بسيط في البداية يمكن إدارته بحد أدنى من الجهد، ثم التوسع التدريجي وفقاً للوقت والطاقة المتاحين؟
برأي العمل الحر يمنحنا حرية كبيرة، لكنه في الوقت نفسه يحمل تحديات الاستقرار المالي، ولهذا فإن التفكير في مشروع جانبي هو خطوة ذكية، لكن التحدي يكمن في إدارته دون أن يؤثر على العمل الأساسي.
أرى أنه يمكن البدء بمشروع قابل للنمو التدريجي، مثل بيع منتج رقمي (دورات تعليمية، كتب إلكترونية) أو إنشاء منصة تحقق دخلاً سلبياً مع مرور الوقت. الأهم هو تنظيم الوقت بذكاء، عبر تخصيص ساعات ثابتة أسبوعيًا للمشروع دون التأثير على الالتزامات الحالية.
شخصيًا جربت إطلاق مدونة تقدم محتوى متخصص، وفي البداية كان التفاعل محدودًا، لكن مع الاستمرارية بدأت تحقق عوائد من الإعلانات والتعاونات. الفكرة ليست في تحقيق نجاح فوري، بل في بناء شيء يتطور بشكل تدريجي حتى يصبح مصدر دخل مستدامًا.
فكرة النمو التدريجي جيدة، لكن هل يمكن الاعتماد عليها دائما؟ بعض المشاريع الرقمية مثل المدونات أو الدورات التدريبية تواجه تحديات مثل تغير خوارزميات المنصات، زيادة المنافسة، وتغير اهتمامات الجمهور. ربما يكون الحل هو المزج بين مشروع ينمو تدريجياً، ومصدر دخل آخر سريع التأثير لتغطية أي تقلبات. فهل تعتقدي أن التركيز فقط على النمو البطيء قد يحمل بعض المخاطر، أم أن هناك استراتيجيات لضمان استمرارية المشروع رغم التحديات؟
وعدم وضوح الطريق لتحقيق دخل ثابت منه.
حتى لو كان هذا الدخل ثابت، قد يفكر الشخص في اضافة دخل اضافي له أيضًا،
بالنسبة لكيفية بناء مشروع جانبي، لابد من تحديد الهدف، هل لاضافة دخل ثابت أم ماذا؟ لذا لابد من أن يكون هدفك واضح من البداية، بعد ذلك، تحدد ما هي فكرة المشروع الذي ستقوم به؟ اليوم ثمة أفكار كثيرة كإنشاء قناة يوتيوب تقدم محتوى رقمي، أو مكتبة رقمية، متجر إلكتروني، بيع منتجات رقمية، مشروع خياطة وهلم جرا. فالفكرة كلما كانت مناسبة لسوق العمل كلما كانت أفضل..
بعد ذلك خصص وقت لمشروعك، فمثلا يمكن تقليض الوقت الذي نخصصه لتصفح وسائل التواصل أو التلفاز ونخصص هذه المدة لتنفيذ الفكرة.
أثناء تنفيذ المشروع ركز على الأولويات وتنظيم المهام وتتبعها، يمكنك استخدم أداة أنا الخاصة بإدارة المشاريع
بالنسبة لموضوع التمويل، يمكن أخذ مبلغ بسيط من دخلك أو الاقتراض من احد الاقارب أو الأصدقاء.
حاول أن تراقب نتائج مشروعك أولًا بأول،قد تكون البداية صعبة، لكن ستكون الامور افضل فيما بعد.
لابد من تحديد الهدف
تحديد الهدف منذ البداية خطوة مهمة، لكنه في بعض الحالات ليس بهذه البساطة. هناك من يبدأ مشروع جانبي بهدف معين، لكنه يكتشف لاحقاً أنه بحاجة إلى تعديل مساره بناءً على التجربة أو تفاعل السوق. أحياناً يكون البدء في الفعل نفسه هو ما يساعد الشخص على تحديد الهدف بشكل أكثر وضوحاً. فهل ترى أن الهدف يجب أن يكون واضحاً تماماً منذ البداية، أم يمكن أن يتطور تدريجياً مع التجربة؟
عدم استقرار الدخل هو ما يدفع أي مستقل للتفكير في إنشاء مشروع جانبي، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إدارته دون التأثير على الإنتاجية. ربما يكون الحل في البدء بمشروع مرتبط بمجال عملك، بحيث لا تشعري بأنه عبء إضافي، بل يكون امتدادًا لخبرتك. على سبيل المثال، إن كنتِ تعملين في مجال الكتابة، يمكنكِ إنشاء مدونة أو تقديم دورة تدريبية مصغرة، وإن كنتِ في مجال التصميم، فمتجر إلكتروني للقوالب الجاهزة قد يكون خيارا جيدا. المهم أن يكون المشروع قابلاً للاستمرارية على المدى الطويل، وليس مجرد مصدر دخل مؤقت.
العمل الحر بالفعل يوفر استقلالية، لكنه أيضًا يحمل تحدي عدم استقرار الدخل، مما يجعل فكرة المشروع الجانبي خيارًا جذابًا. ومع ذلك، التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في اختيار مشروع مرتبط بالمجال، بل في القدرة على تخصيص الوقت والجهد له دون أن يؤثر على جودة العمل الأساسي.
شخصيًا، جربت العمل الحر في الكتابة، وحين فكرت في مشروع جانبي، كان الخيار الطبيعي هو تقديم خدمات استشارية في كتابة المحتوى، لكنني أدركت سريعًا أن ذلك لم يضف استقرارًا حقيقيًا، بل زاد من الضغط. عندها، اتجهت لإنشاء محتوى تعليمي عبر منصة رقمية، وهو ما أتاح لي تحقيق دخل إضافي دون الحاجة إلى التواجد المستمر.
التخطيط هنا هو العامل الفاصل، فالمشروع الجانبي إن لم يكن مستدامًا أو محسوبًا من حيث الوقت والمجهود، قد يصبح عبئًا بدل أن يكون حلاً.
فكرة أن يكون المشروع الجانبي امتداداً لمجال العمل الأساسي تبدو منطقية، لكنها تطرح تساؤلاً: هل المشكلة في طبيعة المشروع نفسه، أم في كيفية إدارته؟ هناك من يختار مشاريع مرتبطة بمجاله لكنه يجد صعوبة في توزيع الوقت والطاقة، بينما آخرون ينجحون في إدارة مشاريع مختلفة تماماً عن مجالهم الأساسي دون أن يؤثر ذلك على إنتاجيتهم. فهل السر يكمن في نوع المشروع، أم في طريقة تنظيم العمل بين المشروع الجانبي والمهام الأساسية؟
التعليقات