تتعدد مصادر إيرادات الحكومات بشكل كبير، وتُعتبر الضرائب واحدة من أهم مصادر الدخل للحكومات المُختلفة، فكما نعلم جميعًا أن الضرائب أو كما يُطلق عليها باللغة الإنجليزية Taxes"" عبارة عن مبالغ مالية يقوم الأفراد والشركات بدفعها إلى الهيئات الحكومية.

وتنقسم الضرائب إلى نوعين رئيسيين وهما ضرائب مُباشرة وهي عبارة عن تلك الضريبة التي يتم اقتطاعها بشكل مُباشر من الشخص المُكلف بها، ويتم انتقالها إلى خزائن الدولة، ولعل أبرز مثال على ذلك هو ضريبة الدخل وضريبة رأس المال، وقد تكون تلك الضريبة ثابتة بمعنى أنها نسبة ثابتة من وعاء الضريبة، وقد تكون تصاعدية، أي إنها تُقسم إلى طبقات أو شرائح، بحيثُ يكون هُناك نسبة خاصة لكل فئة أو شريحة، وكما يتضح من مفهوم الضريبة المباشرة أنهُ لا يُمكن نقل عبئها إلى شخص آخر، بل يتحملها الشخص المُكلف بها.

أما النوع الثاني من الضرائب فهو الضريبة الغير مُباشرة ويُقصد بها تلك الضريبة التي يقوم الشخص المُكلف بها بدفعها بشكل مؤقت، إلا أن يتم نقلها لشخص آخر، ويتم فرض تلك الضرائب على السلع والخدمات المُختلفة، حيثُ يتم نقلها إلى المستهلك النهائي الذي يرغب في استخدام تلك السلعة أو الخدمة، ويوجد العديد من الأمثلة على الضرائب غير المباشرة، ولكن يُعد أشهرها في الوقت الحالي ضريبة القيمة المضافة " added tax" والتي ظهرت على الساحة مؤخرًا، حيثُ لم تشرُع الدول العربية ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة في تطبيقها إلا بداية من العام الجاري.

فما هي ضريبة القيمة المُضافة؟ وما الأسباب التي تكُمن وراء قرار تطبيقها؟ وما هو تأثيرها على كل من الأفراد والمؤسسات والشركات على حد سواء؟ هذا ما سوف نتعرف عليهِ معًا من خلال هذا المقال.

تعريف ضريبة القيمة المضافة والأسباب التي تكمُن وراء فرضها في الإمارات

كما سبق الذكر تُعتبر ضريبة القيمة المضافة أحدي أنواع الضرائب الغير مُباشرة، وتم فرضها على العديد من السلع والخدمات؛ حيثُ يتحمل المُستهلك العبء النهائي لها.

ويُعد ذلك النوع من الضرائب مصدر هام ومعروف من مصادر الدخل لحكومات العديد من الدول حول العالم، وذلك مثل دولة كندا، واستراليا، ودول الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول؛ حيثُ اشارت بعض الإحصائيات أن هُناك أكثر من 128 دولة حول العالم يقوموا بتطبيق ضريبة القيمة المضافة.

وعلى الرغم من ذلك لم تتجهِ دول مجلس التعاون الخليجي والتي تُعتبر دولة الإمارات العربية المُتحدة واحدة منها إلى تلك الضريبة إلا مُنذ فترة قريبة، وذلك عندما بدأت رحلة البحث عن مصادر جديدة للدخل، بعد حدوث الانهيار في أسعار النفط العالمية، والذي يُعتبر المصدر الرئيسي للدخل في أغلب تلك الدول، حيثُ أدركت الدول حينها أهمية تنوع الدخل القومي، وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط؛

وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي خمسة من الدول بالإضافة إلى دولة الأمارات وهي المملكة العربية السعودية، ودولة البحرين، والكويت، وقطر، وعمان، وقد بدأت كل من دولة قطر والسعودية في تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة مُنذ بداية عام 2018م، وجاري التحضير للمشروع في باقي الدول.

أما بالنسبة لدولة الإمارات فقد بدأ تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة في الإمارات بالفعل بداية من شهر يناير للعام الجاري، حيثُ تم فرض ضريبة بنسبة 5% على عدد كبير من السلع، فيتم جني تلك الضريبة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج للسلعة، بداية من المادة الخام وصولًا للمُنتج النهائي، بعدها يتم تجميع كل ذلك وإضافتهُ إلى السعر النهائي للسلعة، أي أن المُستهلك هو من يقوم بتحمُلها، بينما الشركات المُنتجة تلعب فقط دور الوسيط بين كل من الحكومة والمُستهلك.

وتم تطبيق الضريبة على كافة مناطق دولة الإمارات، ماعدا تلك المناطق الحرة التي تم تحديدها من قِبل مجلس الوزراء، حيثُ تُعامل هذهِ المناطق كأنها لا تنتمي إلى الإمارات العربية المتحدة.

ووصل عدد تلك المناطق الحرة إلى عشرين منطقة موزعة بين كافة الإمارات، فنجد أن إمارة دبي تشمل على سبعة مناطق حرة نذكر منها مدينة دبي للأقمشة، ومنطقة القصص الصناعية، بينما تشمل إمارة أبو ظبي ثلاث مناطق حرة، وتشمل إمارة أم القيوين على منطقتين فقط، بينما لم تشمل إمارة عجمان سوى منطقة واحدة وهي منطقة عجمان الحرة، وتوجد منطقتين في إمارة الفجيرة هما الفجيرة الحرة وفويز، وشملت الشارقة على منطقتين، وأخيرًا كان نصيب إمارة رأس الخيمة ثلاث مناطق للتجارة الحرة.

وتستهدف الدولة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الإمارات استخدام إيرادات تلك الضريبة في تحسين مستوى جودة الخدمات الحكومية المُقدمة إلى المواطنين، وكذلك في تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد مُستقبلي قوي قائم على المعرفة الإنتاجية، ومن المتوقع أن تجني دولة الإمارات حوالي 12 مليون درهم من تلك الضريبة ذلك في العام الأول فقط من تطبيقها.

الخطوط العريضة التي تخص ضريبة القيمة المضافة في الإمارات

نظرًا لعدم إلمام الكثير من الأفراد بكافة تفاصيل قانون ضريبة القيمة المضافة، نُقدم هذا التلخيص البسيط للقانون الموحد الخاص بها، وذلك كما يلي: -

النسبة: - يتم فرض الضريبة بنسبة 5% على عدد كبير من السلع والخدمات.

فئات الضريبة: - تُقسم الضريبة إلى ثلاث فئات رئيسية، حيثُ تشمل الفئة الأولى فرض ضريبة بنسبة 5% على مجموعة كبيرة من السلع مثل الملابس والمركبات وغيرها، أما الثانية فهي الفئة الصفرية والتي تشمل كافة السلع الغذائية الأساسية، والتي تُشكل نحو 90 بالمئة من السلع، وكذلك المواد الطبية والنفط والغاز وكافة منتجاتهما، أما الفئة الثالثة فهي السلع والخدمات المعفاة وهي التعليم والنقل والعقارات السكنية.

التسجيل: - تُعد عمليات تسجيل حسابات ضريبة القيمة المضافة في دبي وغيرها من الإمارات إلزامية لتلك الشركات كبيرة الحجم، والتي تصل حجم إيراداتها إلى مائة ألف دولار أمريكي، بينما التسجيل اختياري للشركات التي يتراوح دخلها بين 50 إلى 100 ألف دولار أمريكي، وتستطيع المؤسسات القيام بعملية التسجيل في ضريبة القيمة المضافة الإمارات عن طريق القيام بإنشاء حساب إلكتروني لها على موقع الهيئة الاتحادية للضرائب عن طريق مكتب فرحات وشركاه وبعدها تقوم بعملية التسجيل في قسم الخدمات الإلكترونية.

وفي حالة وجود أي مشاكل تعترض طريق الشركة عند تطبيقها لضريبة القيمة المضافة يُمكنها أن تطلب استشارة ضريبة قيمة مضافة من إحدى مكاتب استشارات ضريبة، حيثُ يوجد العديد من المكاتب التي تُقدم خدمة استشارية لضريبة القيمة المضافة.

تأثير ضريبة القيمة المضافة في الإمارات على تكلفة معيشة الأفراد

بكل تأكيد سوف تؤثر ضريبة القيمة المضافة الإمارات بشكل سلبي على تكلفة المعيشة، فتعمل على رفعها، ولكن يُعتبر ذلك التأثير نسبيًا؛ فهو يختلف من فرد لأخر وفقًا لنمط الحياة والسلع التي يتم الاعتماد عليها بشكل أكبر، فإذا كان الفرد يرتكز في حياتهُ بشكل رئيسي على السلع المعفاة من الضريبة فلن يحدُث لهُ اي تأثر، بينما إذا كان يعتمد بشكل كبير على السلع المُطبق عليها الضريبة، فإن تكلفة المعيشة سوف ترتفع عليهِ بطبيعة الحال.