كنت أظن لسنوات أن البيع يعني أن أكون أمام العميل أشرح وأقنع وأضغط حتى يوافق. لكن التجربة علمتني أن الضغط يولّد مقاومة، والصفقة تسقط في اللحظة الأخيرة. الصورة التي غيّرت تفكيري تمامًا هي "بندول الساعة" وهو تكنيك بيعي تعلمته قبل بضعة سنوات، سأشرحه هنا بشكل مبسط لكل بائع يريد الاحتراف.
تخيل معي البندول في ثلاث محطات رئيسية في ساعة الحائط:
- عند الساعة ٩: العميل في وضع القلق، متردد، دفاعي، أقرب لرفض الشراء.
- عند الساعة ٦: لحظة اللقاء أو الحوار المحايد، حيث يبدأ الاستكشاف وطرح الأسئلة.
- عند الساعة ٣: لحظة القرار والشراء.
الخطأ الكبير هو أن تدفع البندول من ٦ مباشرة نحو ٣ بالضغط والإقناع. النتيجة؟ يصل العميل ظاهريًا إلى نقطة القرار، لكنه يلقي اعتراضه "سأفكر بالأمر واعود لك"، "أريد أولا أن اشاور زوج خالة أمي القادم من تنزلنيا بعد ٣ أسابيع" مثل "القنبلة" ثم يعود بسرعة إلى ٩: لا شراء...
الطريقة الصحيحة هي أن تسحب البندول للخلف من ٩. تصرف كطبيب لا بائع سلع، تبدأ بالأسئلة، بالإنصات، بجعل العميل هو الذي يتكلم أكثر. بهذه الحركة، أنت تولّد طاقة داخلية عنده. وعندما يقر العميل بالمشكلة وترى إحساسه بها ويخبرك بميزانية الحل المرصودة ويكون هو صاحب القرار فعلا، ثم تعرض عليه الحل المناسب لمشكلته وضمن ميزانيته، تترك في هذه اللحظة البندول، لينطلق مسرعا وحده من الساعة ٩ اي من اللاشراء إلى الساعة ٣ أي لحظة الشراء، لكن بدون مقاومة. الفرق الجوهري أن العميل يشعر أن القرار ملكه، وأنه هو من يقود.
مثال عملي:
- عميل يقول: "ميزانيتنا ضيقة".
- بدلاً من الرد بعرض تخفيض أو ضغط، تسحب البندول للخلف: "ماذا سيحدث لو بقي الوضع كما هو بعد ٦ أشهر؟"
- العميل يبدأ يشرح بنفسه التكلفة الحقيقية للمشكلة. هنا تولّد طاقة دفع.
- بعدها تختبر الملاءمة: "قد لا نكون الخيار الأمثل الآن، لكن إن كان الأمر أولوية، يمكن أن نضع حلًا تجريبيًا."
- إذا كان فعلاً يرى الأولوية، هو من يدفع البندول للأمام ويقول: "نعم، نحتاج أن نبدأ."
هذا هو جوهر حركة بندول الساعة: الصفقة لا تتم بالضغط إلى الأمام، بل بالسحب للخلف وترك العميل هو من يطلق الحركة. هكذا يتحول من "المشتري المتردد" إلى "البائع لنفسه".
ما اريد قوله:
كخبير مبيعات اقولها بثقة، البيع الاحترافي ليس فزلكة لعبة كلمات ولا قوة إقناع، بل فن إدارة التوقيت والطاقة، بالاضافة الى الحل الصحيح للمشكلة وليس اي حل.
إذا أردت أن تصل مع عملائك إلى الرقم ٣، لا تدفعهم من ٦؛ بل اسحبهم إلى ٩ ودع البندول يؤدي عمله. مبروك عليك الصفقة..
مقابل هذا الدرس، سأتقاضى حصتي ٣٪ من صفقتك القادمة، Deal؟
التعليقات