لا يخفى علينا بأهمية تدقيق الحسابات في الشركات أو المؤسسات. بالطبع هذا الأمر لم يكن وليدة اللحظة، إنما كان بزوغها أو لنقل كان دورها بشكل ملموس مع ظهور نظرية الوكالة (Agency Theory) أي منذ عام 1976، عندما قدمها لنا الباحثان "جنسن" و"ميكلنج" لأول مرة، حيثُ عندما يتم توكيل شخص او جهة اخرى يكون هناك حاجة لوجود طرف ثالث يقوم بطمأنة صاحب الملكية عن مدى قيام الموكل بالأعمال الموكلة اليه.

 لا شك أنّ عملية التدقيق تطورت من اكتشاف الغش والتلاعب والأخطاء مرورًا بالتدقيق الاختباري الذي يعتمد على متانة وقوة الرقابة الداخلية الى ان أصبح المدقق يعطي رأيه حول عدالة القوائم المالية وصدرت المعايير التي تحدد اطار عملية التدقيق.

لكن هل نحن في مؤسساتنا وشركاتنا نولي اهتمامًا بالتدقيق الحسابات؟ وما مدى دقة التقارير المالية الصادرة عن الشركات بشكل عام؟

 مما لا شك به أنّ عملية تدقيق الحسابات المالية من أكثر الأشياء التي يجب أن تضعها الشركات في نصب عينها، فتدقيق الحسابات يخدم أطراف داخل المنشأة: مثل الإدارة وأطراف خارج المنشأة: مثل الجهات الحكومية والضريبية والمقرضين والموردين والمساهمين. . لكن المهم هنا المصداقية والشفافية أثناء التدقيق.  

غالبًا وعند الخوض في أمور شركات التدقيق يتم الاستشهاد بشركة ارثر اندرسون كمثال على مدى أهمية الشفافية والدقة في عملية التدقيق بالإضافة الى اخلاقيات العمل.

هذه الشركة صاحبة السمعة الايجابية كانت هي المسؤولة عن تدقيق شركة انرون للطاقة التي قام المديرون التنفيذيون فيها بإخفاء مليارات من الديون والمشاريع الفاشلة؛ لتلبية توقعات "وول ستريت" وللإيحاء للمساهمين والأطراف الاخرى بمدى ايجابية ميزانيتها العمومية.

كان سهم شركة انرون قد حقق ارتفاعًا بقيمة ٩٠ دولار عام ٢٠٠٠ لكن الأمر المفاجئ هو أنّ السهم انخفض الى أقل من دولار مع نهاية ٢٠٠١ وبالتالي أفلست شركة انرون وسلمت ارثر اندرسون رخصتها لمزاولة مهنة المحاسبة القانونية في امريكا بسبب تسترها على الأولى.

برأيك ... لو بذلت "ارثر اندرسون" العناية المهنية المعقولة واتبعت اسس الشفافية هل سيحمي ذلك الشركة من الإفلاس مما يحفظ حقوق المساهمين؟ ام أن منافع تقارير التدقيق محدودة؟