من خلال متابعتي لمختلف النقاشات المتعلقة بموضوع الاستثمارات بمختلف أنواعها لفت إنتباهي أن الكثير ممن تفاعلوا مع هذه النقاشات يجزمون على أن الاستثمار في الذهب هو" الملاذ الآمن" بالنسبة لاستثماراتهم والذي يلجأون إليه في أوقات الأزمات الاقتصادية والحروب، وعند ارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الدولار أو النفط.

 ففي نظرهم أن تحركات الذهب مهما كانت هبوطية سيرتد وترتفع أسعاره مرة أخرى خلال العام وهنا تتحقق صفة الملاذ الآمن للذهب. وهذا ما استند عليه أنصار الملاذ الآمن أو المشجعين للاستثمار في الذهب حيث تسجل أسعار الذهب اليوم ارتفاعا على الصعيد العالمي مع بداية التداول في البورصة العالمية وسط توقعات بموجة تصاعدية لأسعار الذهب في الفترة المقبلة، وهو الارتفاع الذي أرجع متعاملون أسبابه، إلى تراجع سعر الدولار وعائدات سندات الخزانة، بينما استقر الذهب على الصعيد العالمي. 

أما من وجهة نظري فلا وجود لمصطلح " الملاذ الآمن" في قاموسي عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، ففي كثير من الأحيان يقع مالم نكن نتوقعه فهو في الأساس قائم على المخاطرة والتوقعات. دليل ذلك أيضا أنه ومع بداية ظهور فيروس كورونا سجل الذهب أداء سلبيا، في وقت يستمر فيه وضع السوق بالتدهور وسط حالة عدم اليقين نتيجة تأثير فيروس كورونا على النمو الاقتصادي العالمي، حيث ذكر موقع كابيتال الفرنسي المهتم بالشؤون الاقتصادية أن مسيرة الذهب الذي كان يعتبر ملاذا آمنا تقليديا كانت الفترة الأخيرة مخيبة للآمال.

وفي هذا السياق قال الدكتور السيد الصيفي عميد كلية التجارة في جامعة الأسكندرية، أستاذ التمويل وخبير البورصات العالمية، إن اعتقاد الكثيرين بأن الذهب هو الملاذ الآمن الذي ينبغي اللجوء إليه في حالات الأزمات المالية، اعتقاد خاطئ خاصة في الفترة الحالية، والسبب في ذلك حجم التقلبات السعرية التي يتعرض لها الذهب. كما يوضح الأستاذ محمد النظامي خبير أسواق المال العالمية أن الحركة في أسواق المعادن تكون أكثر عنفاً وبالتالي أكثر مخاطرة من الاستثمار في الأسهم، فهناك مخاطرة عالية في الاستثمار في الذهب قد تعرض المستثمر لخسائر فادحة يخسر معها أصل الأموال.

وكدعم لوجهة نظري نجد أن وارن بافيت والذي يعتبر أشهر المستثمرين عالميا من أنصار أن الذهب لا يدر عائدا ماليا وأنه يفضل الاستثمار في أسهم الشركات لأنها تحقق عوائد مالية كبيرة على المدى الطويل .

ومع كل هذا لا يزال الكثير من المستثمرين يزعمون أن الذهب يعتبر من أكثر السلع الاستثمارية فاعلية مقارنة ببقية السلع الأخرى في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.