انتشرت مؤخرا الكثير من برامج بناء القدرات مثل برامج (المنح الدراسية، البعثات الخارجية، الدورات التدريبية المتخصصة والمقدمة من جامعات/مراكز عالمية بشهادات معتمدة على الصعيد الدولي، برامج التأهيل والتمكين والإحلال والتعاقب)، وغيرها الكثير من البرامج التي انتهجتها المؤسسات والشركات في القطاعين العام والخاص للاستثمار في العامل البشري، حيث أصبحت ثقافة المؤسسة الناجحة تبدأ من الاستثمار في العنصر البشري، كأداة لتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم لرفع مستوى عملهم، بحيث يستطيعون التعامل مع الزبائن بطرق كفيلة على ضمان بقاء العميل واستمرار تعامله مع الشركة.

هذا التوّجه جاء ليعالج قصور الأداء في بيئة العمل المؤسسي من خلال بناء قدرات العاملين، حيث تنبّه صانعو القرار إلى أنّ ضعف بناء الكفايات سببٌ للحدّ من الإنتاجية في معظم الشركات، لتبدأ عملية الاستثمار في القدرات البشرية، حيث يتم حجز مخصصات في الميزانية التخطيطية للتدريب والتأهيل وبناء القدرات الفردية، حيث أنّ كيلي ماكس-الرئيس التنفيذي لشركة "هوف أوس" التي تسعى لتقديم حلول وبرامج التحوَل للشركات فيقول بأنه "من المهم أن نسمح للموظفين باستكشاف واختبار حدود طاقاتهم، فمعظم الموظفين لديهم روح المبادرة، ويريدون التفكير أبعد من سياج الحيز الضيق، وهنا يكمن التحدي في تمكين هؤلاء الموظفين، ومساعدتهم على تحسين أداء هذه المؤسسات".

ولنأخذ مثال سنغافورة تلك الدولة التي لا يزيد عدد سكانها عن 6ملايين نسمة، دون أية موارد أو ثروات طبيعية، بليلة وضحاها أصبحت رائدة في مجالات شتى، لأنها استثمرت في أفضل ما تملكه، وهو الإنسان، حيث أصبحت التنمية البشرية وبناء القدرات أسلوباً ونهجاً إن طمحت المؤسسة لبناء قدراتها المؤسسية وإثبات وجودها في ساحة المنافسة.

باعتقادكم، كيف يمكننا الاستثمار في العنصر البشري وبناء القدرات الفردية مع ضمان عدم تصدير تلك الكفاءات بعد تمكينها والإنفاق على تأهيلها وتدريبها للعمل خارج المؤسسة؟ ولماذا لا يكون الاستثمار في العامل البشري هو شعار مؤسسات العالم الثالث رغم ما تؤكده الدراسات بأنّ الاستثمار فيه أول أسباب نجاح المؤسسة وبقائها؟