في أسلوب تكرّر خلال الأعوام الماضية شهدت مؤسستي بعض الاعتصامات التي قام بها مجموعة من العمال للمطالبة بحقوق يرونها مشروعة لهم، وذلك اعتراضاً على مجموعة من القرارات التي رآها البعض مجحفة بحق الموظف، حيث كان من ضمن هذه القرارات:

  1. إقرار سنّ التقاعد المبكر ليصبح 45عاماً، وإنهاء خدمات ما لا يقلّ عن 194موظفاً.
  2. فصل ما لا يقلّ عن 120 موظفاً على إثر قضايا سابقة تجاوز عمرها العشر سنوات.
  3. تحميل الموظف كلفة التأمين الصحي عن الوالدين، والحدّ من سقف التأمين الصحي الخاص بالموظف وأبنائه.
  4. وقف مكافأة الانتاجية التي يتقاضاها الموظف بناء على خطورة العمل الذي يؤديه، وذلك اعتباراً من تاريخ 1/1/2022.
  5. وقف بدل العمل الإضافي لموظفي السلطة مع استمرار عملهم خارج أوقات الرسمي وذلك منذ بداية العام 2021.
  6. إعادة هيكلة العديد من المديريات، وحرمان عدد لا بأس به من موظفي المؤسسة من العلاوة الإشرافية نتيجة إلغاء الأقسام التي يشغلونها.
  7. وقف علاوة بدل التنقلات التي يتقاضاها الموظف عن استخدامه لمركبته في الأعمال الميدانية أثناء وقت العمل.

هذا المشهد أعادني للمظاهرات العمالية التي تمت في العديد من دول العالم في مطالبة من المتظاهرين حينها بتحسين أوضاعهم الاقتصادية في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي كانت كموجة الصيف حارقة لا ترحم.

بالعودة للاعتصامات التي قام بها العمال في مؤسستي، بالتأكيد لم ترضخ المؤسسة لمطالب المعتصمين، بل مارست سيادتها، ووجهت العقوبات بحقّ من اعتبرتهم من المخالفين، حيث وضحّت في بيان رسمي لها بأنّ المؤسسة تمرّ بأزمة مالية قد تتسبب مستقبلاً بعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية ومنها دفع رواتب الموظفين.

عجز الميزانية، هي الحجّة التي تضعها أغلب المؤسسات حين تتخذ مجموعة من القرارات من شأنها الإضرار بحقوق الموظفين، لتقف الدولة أحياناً عاجزة عن إيجاد حلول ترضي الطرفين لإدراك الدولة بأنّ ارتفاع مديونيتها، وانخفاض الإيرادات المتحققة لها، قد انعكس سلباً على أغلب القطاعات، وبأنّ اتخاذ القرارات التخفيفية ومن ضمنها خفض سلّم الرواتب، وإنهاء الخدمات، والحرمان من الامتيازات، أحد الحلول لمواجهة الأزمة الاقتصادية، دون الأخذ بالاعتبار ما لمثل هذه القرارات من أثر سلبي على الحياة الاقتصادية للموظفين المطالبين بالعديد من الالتزامات، منها (البنكية، النفقات، الإيجارات، دفع الفواتير،..إلخ)، وما لتلك القرارات من نتائج في زيادة البطالة.

مشهد محزن، وأنا أرى حجم المعاناة التي يعانيها الموظفين، وبذات الوقت تعانيها المؤسسات في ظلّ أزمة تهدّد العديد من الشركات بالإغلاق/التصفية مالم تتحسن الأوضاع الاقتصادية الراهنة، لأتسائل، كيف للمؤسسات أن توازن بين عجز الميزانية لديها وتحقيق العدالة العمالية؟ وأين يقع دور الدولة في كلّ ذلك؟