الإسهاب بالمعرفة النظرية يضر الاقتصاد

لا شك أن المعرفة هي الخبرات التي تتعامل بها، المعلومات التي تعلمها، التفكير الذي تفكر به، المشاعر التي تكنها، هي كل شيء ملم بك، لكن ما هدف المعرفة؟ هل هدف المعرفة هو تراكم متسلسسلات نظرية؟ أم أنها تخدم الواقع بالتطبيق العملي؟

اذا كنت تعرف الطريق من القاهرة إلى الإسكندرية، لكنك لم تجرب الطريق قط! فهل هذا معناه أنك تعرف الطريق؟ و إذا كنت تعرف كيفية سلاسل التوريد، و كيف يتم التوصيل من بلد لأخرى، لكنك لم تجرب أن تستورد أو تصدر شيء! فهل معناه أنك تعرف الأمور اللوجستية؟

الجواب عند الواقعيين هو نعم. أما الجواب عند البراجماتيين هو قطعا لا.

و هنا أنحاز إلى جواب البراجماتيين. لأنه ما فائدة العلم و المعرفة إذا كنت لا تستخدم هذا العلم و المعرفة في بناء مقدرات وطنك. واحدة من أشهر الأمثلة التي نراها بأم أعيننا هو عند اكتساب الشهادات العليا و الالتحاق بشركة ما، الشركة ستعتبر المقدم للوظيفة على أنه خريج جديد اذا لم يمتلك الخبرة الكافية، التي تمكن من تحويل معرفته الى أرض الواقع، رغم حمله لشهادة الماجستير أو الدكتوراه. 

الملفت في الموضوع أن عدد حملة المعارف النظرية في الوطن العربي كبير جدًا، لكن الإقتصاد مهترئ. و لنأخذ قصتين لشابين، الأول تخرج و أكمل في المجال العملي و أبدع في مجاله التطبيقي، و كلما يكتسب خبرة نظرية يحولها إلى أرض الواقع، فمثلا اذا عرف كيفية تصنيع السيارات، سيعمل على تحويل معرفته النظرية إلى معرفة عملية، و يتمكن من عمل مصنع. فيصبح للدولة قوة إقتصادية بوجود هذا المصنع، و يفتخر الشعب بصناعته المحلية.

أما الشاب الثاني أخذ المعرفة النظرية بكثافة و أنقطع عن الخبرة العملية، و وصل مراتب عليا حتى وصل رتبة أستاذ دكتور. هل لكم أن تحددوا من أفاد الدولة و الشعب أكثر؟ و كيف كان أسلوب حياة الأستاذ الدكتور لو أتقن عملا حرفيا إلى جانب عمله؟ ماذا سيؤثر على الإقتصاد؟

لا ننسى أن اكتساب المعرفة النظرية يستهلك المال بشكل كبير، بسبب التجارب، و المختبرات التي يحتاجها للحصول على نتائج.

 بالإضافة إلى القوة السياسية و الإقتصادية و العسكرية التي هي هدية من التطبيق العملي و إنشاء المصانع. ولا ننسى المواقف الدولية الشماء التي تمثلها الدول المنتجة، و القرارات التي تتخذها تلك الدول على حساب دول أخرى. 

هل لكم أن تضربوا لي مثالا على دولة انتاجها الصناعي و التطبيق العملي فيها ضعيف، لكنها قوية إقتصادية و سياسيا و عسكريا؟ وهل تروت حقا المعرفة تفيد الاقتصاد؟