إن كنت قد اتخذت قرار ما في خلال الخمسة سنوات الماضية، وظهر أثره على حياتي بشكل جذري الآن، فسوف يكون قرار بدئي في العمل الحر بمجال الكتابة منذ السنة الثانية لي في الجامعة!

بدأت دراسة الهندسة منذ عام 2013 ... تخرجت منذ أشهر، وها أنا الآن خريج جديد يقتحم العالم للمرة الأولى، كي تبدأ الحياة في مطالبتي بالمسؤوليات المعروفة التي تواجه كل الشباب في نفس السن ... لم أعد طالب بعد اليوم، ولم تعد هناك أي مبررات يمكنني الاستناد إليها كي أقنع نفسي بأنني ما زلت صغير!

.

أغلب المعلومات التي حصلت عليها في سنوات الجامعة عن فترة ما بعد التخرج مباشرة هو أنها تكون مُربكة وصعبة، وإن تحدثنا عن الهندسة في مصر، سوف نجد أن أغلب الخريجين يقبلون في البداية برواتب متدنية جدًا قد لا تكفي حتى لتغطية المصاريف الشخصية لفرد واحد!

لقد كان ذلك الأمر يمثل رعبًا حقيقًا لي، فلدي العديد من الأهداف، أريد أن أصبح رائد أعمال ناجح في المستقبل، وأريد أن أدرس الماجستير، فكيف سأتمكن من ذلك إن كان سيتوجب عليّ أن أعمل في أي وظيفة أقابلها حتى أستطع أن أكفل المصاريف الشخصية؟

بالتأكيد سأضيع الكثير من الوقت، ويمكنني أن أعلق في مسار العمل المتدني لفترة كبيرة ولا أستطع تحقيق شيء في حياتي!

.

لكن، ما حدث معي بسبب ذلك القرار الصغير الذي اتخذته في السنة الثانية لي في الجامعة كان غير ذلك!

حيث أنه في تلك اللحظات بالضبط، لحظات ما بعد استلام شهادة التخرج، لم أشعر بالارتباك الذي كنت أنتظره، والذي أصاب باقي أصدقائي على الفور في الأيام التالية بعد انتهاء احتفال التخرج، وأيضًا لم أهم بتحضير سيرتي الذاتية بسرعة وابدأ في الجري بخطوات متعثرة كي ألحق بقطار العمل متدني السعر !

فلدي أرجل راسخة في مجال العمل الحر، ومن خلاله أستطيع تغطية كامل مصاريفي الشخصية منذ سنتين حتى عندما كنت طالب، وتتبقى بعض الأموال التي أقوم بادخار جزء واستثمار جزء.

.

الآن ... هل أنا مضطر للقبول بأي وظيفة في الهندسة؟

قطعًا لا، فقد قررت أن أقوم بأخذ الوقت الكافي لوضع خطة قوية لمساري المهني في الهندسة، وأن أشحذ مهاراتي بها، حتى يتثنى لي اختيار فرصة جيدة للعمل وبدء الدراسات العليا دون تسرع، ودون التأثر بأي نوع من الضغط النفسي.

هل سأترك العمل الحر؟

بالتأكيد لن أتركه ... هناك مثل مصري شهير يقول: "زيادة الخير خيرين"، وطالما أنه سيزيد دخلي بجانب عملي في مجالي الذي درسته، فمن المهم أن أظل به.

ما هو الشيء الذي لو عاد بي الزمن كنت لأفعله؟

كنت سأقوم باستثمار نسبة أكبر من الأموال التي أتحصل عليها من العمل في مشروع رابح، وكنت سأجتهد أكثر وأقتنص المزيد من فرص العمل المتاحة!

كيف غير ذلك القرار مسار حياتي؟

حقيقة، لا أحد بالتأكيد يعلم كيف ستسير حياته في المستقبل، لكن على الأقل يمكنه التخطيط لها، وبالنسبة لي يجب أن يكون تخطيطًا جيد ومحكم أو لا أخطط على الإطلاق، وما قام العمل الحر بفعله هنا، هو أنه منحني الاطمئنان، والراحة النفسية، وبعض الأموال التي تمكنني الآن من تطوير مهاراتي في الهندسة بأخذ الدورات، وحضور الفعاليات، ووضع أهدافي بتأني وحكمة، كما أنني سوف أطلق مشروعي الربحي الأول بعد مدة أيضًا.

وبذلك أرى أن قرار اقتحام عالم العمل الحر مبكرًا، هو القرار الأفضل على الإطلاق الذي اتخذته في الماضي، وتظهر تأثيراته بشكل ملموس حاليًا، فلا يوجد أفضل من الحرية واختيار الفرص على مهل وبعد دراسة، ولولاه كان يمكنني أن أكون الآن بلا عمل على الإطلاق، أو أعمل في شركة بمرتب متدني!

.

أخبروني أيضًا أفضل القرارات البسيطة التي اتخذتوها في الماضي وقامت بتغيير حياتكم، وما هي الدروس المستفادة منها؟