شاهدت فلمين على التوالي يوم امس كلاهما مستوحا من سيرة ذاتية.

رغم ان القصتين مختلفتين تماماً إلا أن شيئا ما قد لفت انتباهي، وهو أن سر تعاسة كلا الشخصيتين الرئيسيتين هو عدم التحرر من عقد الأبوة إن صح التعبير.

كان كلاهما قد تعرضا لصدمة من نوع ما بسبب والدهما ونتيجة للكتمان المستمر ومحاولة تغطيه الألم بأي شيء سوا مواجهة الألم نفسه انتهى الأمر بالشخصيتين بالقيام بجهود جبارة ليثبتوا لأنفسهم أو لآبائهم -حتى الذين قد غادروا الحياة منهم- انهم على خطأ بشأنهم، او انهم افضل منهم، او قد يتطور الامر بالنسبة للشخصيات الأنثى بأن تعيش رغبة مستمرة بالسيطرة او التفوق على الجنس الآخر.

وكلا الشخصيتين نجحت نجاحا باهرا في ما سعت اليه، ولكن ليس بتقليص الألم او التخلص من آثار الماضي.

أذكر أنني عشت طوال فترات الدراسة أسعى جهدي لكي لايكون فلان وعلان افضل مني في سعي متكرر لاكون الافضل، وكنت اواجه وقتا صعبا في تقبل الامر حين كنت افشل في ذلك.

حينما كبرت وفي رحلة مؤلمة في معرفة نفسي، اكتشفت ان الامر لم يتعلق يوما بنجاحي او حبي للعلوم او الدراسة، كان الامر يتعلق بوالدي ؛ بذكرى معينة وانا في احد الصفوف الباكرة عندما أخبرت والدي بعلاماتي وقلت له انني الثاني بعد فلان، بكل براءة لم اكترث لكونه الأول وظننت انه يستحق ذلك، ولكن والدي أصر على أن يلاحظ الفتى وليس انا، ففي النهاية الثاني تعني ان هناك احدا أفضل مني.

كل هذا التحليل لايمر بعقلي في كل مرة يكون هناك شخص افضل مني، لو فعل لما علقت في تلك الدائرة المجهدة نفسيا كل تلك السنين، بل هي ترسبات الامر .. هي تلك المشاعر التي لاتفهمها ولاتفهم لم انت غاضب او في ضيق حتى بشأنها .

حين اضطررت للجلوس مع نفسي وفهم الأمر أدركت ماجرى لي دون علمي، وادركت ايضا أن والدي نفسه كان يعيش عقدة بسبب والده، وقررت كسر الحلقة المفرغة هناك .

اعرف اباء اساؤوا لابنائهم -بدون علم- وأعرف أشخاص يمرون بعقد بسبب اباءهم او أمهاتهم، نزعة عنف، ركض مستمر إلى اهداف وهمية، مشاكل جدية مع الجنس الآخر، مشاكل في النظرة الى النفس، مشاكل دينية، مشاكل حقيقية في التعامل مع المال.

كل هذا فقط لان شخصا في سلسلة الابناء هذه لم يقف ويسأل نفسه لماذا أعامل نساء بيتي هكذا؟ لماذا أصرف مالا لا املكه واحرص على ان يراني الاخرون به هكذا؟ لماذا أنا مهووس بالعمل اكثر من عائلتي هكذا؟

او ربما سألوا ولم يسعوا لحل المشكلة لانهم لم يعرفوا طريقاً أفضل للاستراحة اللحظية من آلام الماضي.

أرح نفسك من الدوافع التي تغذي عقدا في حياتك وسامح والديك واكسر الحلقة.