أنا شخص شديد الحساسية. ليس بمعنى انني اغضب من الرائح والغادي على كل زلة وعثرة فهذا النوع في بلاء من الجهل بحقيقه الناس و العالم، والحمدلله الانسان العارف لمعاني الامور شديد التسامح.

ولكن هذا هو البلاء أرى المعاني في كل شيء حولي، كل شيء.

اسمع اغنية يسمعها الناس طربا في حفل ما وتراني الوحيد الذي يدمع.

ارى شخصين لا اعرفهما جالسين معا واشعر بالسعادة لحميميتهما، أرى مجموعه اصدقاء يضحكون وابتسم من قلبي، لا استطيع اكمال الافلام او المسلسلات حين تتصاعد حبكة الدراما احيانا وتوقفت تماما عن مشاهدة الهراء الرومنسي ليس فقط لانه لامعنى له بل لانني انكتم واتضايق حين ينفصل البطلان بعد 20 حلقة من التعب وتصاعد الاحداث الى ان يحبا بعضهم ثم يحصل شيء تافه ويعودون لنقطة الصفر.

احد اساتذتي في الجامعه كان يشرح درسا في الاحياء بطريقة فلسفيه وكنت شديد الانبهار لحد انني لم ارمش حتى وانا أقوم بتحليل الامور داخل نفسي واستخراج المعاني منها بطريقة تلقائية، نظر الي وضحك وضل يشرح وهو ينظر لي وكانه يحدثني لما رأى انني فعلا ذهبت لعالم اخر.

أرى الجمال في كل شيء حولي كل شيء! حتى عجوز صلعاء مشردة محطمه اسنانها تدخن على قارعه الطريق اشعر وكانها لوحه.

اغلب ما اعبر بجانبه يترك شيئا في نفسي، خصوصا الانسان بحياتي لم اكره انسانا مهما اخطأ في حقي وغضبي عمره قصير جدا لاني استطيع ان ارى كيف انه ليس شريرا استطيع ان ارى بعيني مليون سبب وسبب لماذا هذا شخص رائع ومثير للاهتمام، لا اعرف شخصا واحدا لا استطيع اخباره بأمور جميلة ومفيدة للعالم فيه.

عيناي كثيرات الدمع، لا ابكي ذاك البكاء طبعا ولكنني ادمع كثيرا في اليوم الواحد تأثرا بامو مرت بي.

الانعكاسات الكثيرة لكل شيء في الحياة على مشاعري يرهقني جدا ويشتت تركيزي لان كلاما كثيرا يأتي إلى رأسي ولايغادر في الوقت الذي يجب ان اقوم فيه بشيء آخر.

والكلام؟ اما ان اقف عاجزا عن وصف ما امر به او اسرد سردا أمورا وافكارا كثيرة لا يتمكن من معي ان يتابعها وتبقى على رؤوسهم علامات استفهام، طبعا احدث الناس على قدرهم ولكن حين اشرح وجهة نظر معينة بناء على طلب المستمع اجد نفسي في واد وهم في واد.

اشعر بالاحباط احيانا حين لايقدر احد ما ارى فيه جمالا اتفهم طبعا اختلاف الاذواق لكن يحدث احيانا ان اتعجب كيف يكون الناس عميا لهذه الدرجه!

ولست شاعرا او رساما او موسيقارا لاستفيد من نظراتي للجمال هذه، ربما الهبه الوحيدة في الامر هي على صعيد شخصي حين اجلس على مسألة اتاملها فترة طويلة ينتهي بي المطاف بشيء او معنى او حتى طرف خيط، ليس فالجلسة نفسها طبعا بل على طول الطريق في هذا التأمل المستمر.

لا يخفى عليكم ان كثير المشاعر غير عملي، ان اراد الانسان التقدم في حياته فهو يحتاج الى انضباط شديد، الحمدلله اداءي جيد طبعا بهذه القدرة على استيعاب المعاني ولكن مايجعله جيد وليس ممتاز هو مشكلة شدة الوعي المتوزعه هذه التي تسبب شتاتا لقوى العقل وعدم وجود اتجاه للتساؤولات مثلا.

حتى في الامتحانات انتبه ان جف حبر من بجانبي او توقف قلم الرصاص خاصته عن العمل لأتيه بالمدد.

الكثير من المفيدين في العالم شديدوا الوعي ايضا ولكن وعيهم متمركز حقا.

كيف السبيل لعقلي انا ليمركز وعيه او يكرس حواسه قليلا فقط؟