ربما جميعنا سمع بقصة العالم أوغست كيكول والذي كان متحيرًا بشأن تركيب جزيء البنزين ثم أتاه الجواب وهو نائم في صورة أفعى تلتهم ذيلها فاستلهم منها الشكل الحلقي لجزيء البنزين , بغض النظر عن مدى دقة هذه القصة لتعدد روايتها فإنه لا يستبعد أبدًا أن يكون لها أساس متين من الصحة .

الغريب أن أمرًا مشابهًا قد حصل لي ليلة البارحة , وقبل أن أقصه عليكم اسمحوا لي أن أحدثكم قليلًا عن نفسي , أن شخص لديه اهتمام نسبي بموضوع الطيران ولكن يمكن القول أنه اهتمام موسمي يزيد في الأوقات التي تلي سفري بالطائرة , فتراني أبقى بعدها لفترات أطالع مقالات تتعلق بهذا المجال أو أتابع بعض مقاطع الفيديو أو أمارس بعض الطيران عن طريق برامج ال flight simulator أو حتى أبحث لنفسي في مواقع النت عن فرصة لتعلم الطيران أو الترحيل الجوي flight dispatching على أقل تقدير! وحيث أنني حديث عهد برحلة جوية لم يمض عليها أسبوعان فقد انتابتني حالة الشغف تلك وبات موضوع الطيران هو صاحب النصيب الأكبر من تفكيري واهتمامي هذه الفترة.

في كل مرة أدخل فيها في هذا ال(mood) أظل أفكر في أجابة سؤال حول معلومة قرأتها منذ مدة وهي أن الطيار وقت اقلاعه يفضل أن يقلع عكس اتجاه الريح أي أن اتجاه هبوب الريح يكون مواجهًا للطائرة ساعة أقلاعها (أو هبوطها أيضًا, لست متأكدً من مسألة الهبوط) , والسؤال هو لماذا؟ لماذا يقلع عكس اتجاه الريح مع أن هذا قد يشكل مقاومة وعبئًا وقد يزيد من استهلاك الوقود للتغلب على تلك المقاومة (أو هكذا كنت أظن) .

بقي السؤال يشغلني حتى أتاني الجواب في حلمي الليلة الماضية ولكني لا أذكر هل كان في صورة شخص يخبرني بالإجابة أم بصورة مقالة أقرأها أو مقطع فيديو أشاهده , والغريب أن الجواب كان بسيطًا جدًا خصوصًا لشخص متخصص في الفيزياء مثلي وأستغرب من نفسي كيف لم أفكر به من قبل!

وقبل أن أطرح الجواب - تجاهل هذا الجزء إن كنت غير مهتم - دعونا نوضح بشكل مبسط كيف تتطير الطائرة : عندما تتسارع الطائرة على الأرض قبل إقلاعها يتكون هناك تيار هوائي (تماماً كالتيار الهوائي الذي تحس به عندما تجري!) , جناح الطائرة مصمم بطريقة معينة بحيث تكون سرعة سريان الهواء تحته مختلفة عن أعلاه فيحدث ذلك فرقًا في الطغط يؤدي إلى جر الطائرة لأعلى ,وحتى تقلع الطائرة فإنها تحتاج للوصول إلى سرعة معينة بحيث نصل إلى سرعة تحقق لنا فرق ضغط قادر على جر الطائرة لأعلى ,فمثلًا طائرة بوينج 747 المعروفة , تبلغ سرعة إقلاعها 180 ميل في الساعة , إن إقلاع الطائرة عكس اتجاه هبوب الريح يوفر على الطيار بضعهة أميال في الساعة فمثلًا لو كانت سرعة هبوب الرياح 20 ميل في الساعة فيمكن القول أن الطيار سيحتاج أن يبلغ بالطائرة سرعة 160 ميل في الساعة فقط قبل أن يستطيع الإقلاع بها (180 -20) أما العشرين ميل في الساعة المتبقية ليصل إلى سرعة 180 فقد وفرتها له الرياح التي تجري بما تشتهي الطائرة!

كان هذا الجواب الذي أتاني في منامي , وما كان مني عندما استيقظت إلا أن استشرت الشيخ قوقل حول ما رأيت فأجاب بصحته!

طبعًا لإمكانية الإقلاع عند سرعات منخفضة بعض المميزات فمثلًا يمكنك كطيار ألا تقلق من انتهاء المدرج المخصص للإقلاع قبل وصولك للسرعة الملائمة لتقلع , كما أن الوصول إلى سرعات مرتفعة على الأرض قبل الإقلاع قد يحمل خطر انزلاق الطائرة عن مسارها لذلك يفضل الإقلاع على سرعات منخفصة نسبيًا إن أمكن ذلك

ولا داعي لأن أقول أن هذا الجواب لم يمر علي قبل قط ولم أسمع به قبلًا , فأنا دائمًا افكر بإجابة هذا السؤال , فلو كنت قرأت أو سمعت شيئًا حول ذلك لأدركت فورًا أنه الجواب المنشود ولما بقي لهذا السؤال مكان في خانة الاسئلة لدي!

والآن هل هناك تفسير لتلك الظاهرة؟ هل يعرف العقل الباطن الجواب ولكنه لا يستطيع إيصاله للعقل الواعي؟ وإن كان هذا صحيحًا فلماذا؟

كيف يمكن استثمار هذا الأمر , أعني أن يعزز الإنسان صلته بعقله الباطن لمساعدته في إيجاد الإجابات المنسابة وحل المشكلات؟

وأخيرًا هل مررت بتجربة مشابهة من قبل؟ لطفًا شاركها معنا!