عندما كنت طفلة صغيرة في أول صفوف المرحلة الإبتدائيه، كان خطي سيئاً للغايه كان والدي الحبيب رحمة الله عليه هو مُعلمي الأول في الخَط وهو من ورثت منه موهبة وحُب الكتابة والتأليف والقراءه بنَهَم وشوق .

لم يعاقبني والدي يوماً على سوء خطي ولم ينهرني أو يحاول تعليمي الخط الجميل بالغصب او تكرار الكتابه بل تركني تماما لفترةٍ طويله .

وذات يوم جائني مبتسماً يحمل اوراقاً شفافة كبيره او مايسمى بورق النسخ او ورق الزبده .واقلام رصاص فخمه باشكال جميله وكتاب جميل الغلاف جداً كان هذا الكتاب هو جزء عَمَّ من القرآن الكريم بأحرف كبيره .

طَلب مني والدي أن افتح الكتاب وأضع ورقة نسخ على أي صفحه

فرأيت الاحرف ظاهرة بكل وضوح .

قال لي :

في اوقات فراغك وعطلاتك المدرسيه تَعَودي على هذه العادة الجميله حتى تصبح هواية لكِ ولكن أبدأي بالترتيب من أول الجزء ، وحاولي ان تنطقي دوماً اثناء نسخك .

ومنذ ذلك اليوم عشقت هذه الهوايه وكنت كل يوم بعد ان استذكر دروسي وفروضي اجلس بالساعات أنسخ آيات القرآن الكريم .يمر والدي ويبتسم ويتأكد انني اكتب وانسخ بالترتيب وانا اتعجب لماذا يصر على نسخ الآيات بالترتيب فالمهم انني اتعلم الخط الجميل فلماذا الترتيب !!!

ومع مرور الوقت والشهور حدثت أمور رائعه جداً

اولاً تغير خطي تماماً واصبح رائعاً لدرجة انني كنت اكتب كخط المصحف تماماً بدون نسخ

ثانياً من كثرة كتابتي بالتشكيل أجدته تماماً

ثالثاً زادت فصاحتي اللغويه وثروتي من الكلمات .

رابعاً وهو اجملهم ، وجدت نفسي قد حفظت السور الكريمه من كثرة كتابتها .وكانت هذه حكمة والدي في التأكيد على النسخ بالترتيب حتى اتمكن من حفظ الآيات بالترتيب

وظلت هذه الهوايه عشقاً امارسه دوماً حتى حفظت ٩ اجزاء من القرآن الكريم بهذه الطريقه وانا بالصف الثاني الاعدادي وفزت في عدة مسابقات للخط والإلقاء وحفظ القرآن وكنت مسؤوله كتابه خطابات الإلقاء في الحفلات المدرسيه

أصبحت مسؤولة كتابة اللوحات في مدرستي .وأغرمت بالقراءه والشعر والمؤلفات وكتب الادب .كل هذا بدأ بنسخ آيات القرآن في اوقات فراغي

نفذوا مع اولادكم الصغار هذه الطريقه وانظروا كيف سيتغير كل مافيهم من أول الخط والحفظ لحُب القراءة والكتابه للفصاحه لتحسن النطق للثقة بالنفس .

رحمك الله ياوالدي الحبيب ورزقك اضعافاً من الحسنات بكل حرفٍ جميلٍ تخطه يدي