ليس شائعاً أبدأ أن ترى العاطفة في الأماكن العامّة، و لكن يبدو من الشائع جداً أن النقيض تماماً هو ما يتم ممارسته دون خجل.

بينما كنت أمشي اليوم في السوق لفت نظري أبّ يحمل طفلته بيد و يمسك يد زوجته بيده الأخرى، و بطريقة تستدعي الضحك خطر ببالي صوت عمتي حتى كدت لأسمع تعليقاتها التي غالباً ما ترميها هكذا بشكل حقيقي رغم عدم تواجدها معي، تعليقاتها التي تبدو أشبه بهذه:

"ما بتقدري يعني تمسكي بنتك عن جوزك؟ لازم هو ياخدها عنك، نسوان أخر زمن مدلعات!"

"ما شاء الله كيف ماسكة إيد زوجها شو يعني خايفة نسرقه منها؟"

الأمر بالطبع يمتد ليطال شريحة أكبر وأوسع من هذه المواقف، كمشهد أم تمسك ايد طفلها أو إبنها الذي أصبح في عداد البالغين ، و كأن العاطفة تأتي مع تاريخ إنتهاء، أو مشهد شاب يمسك بيد شخص عجوز ليقطع الشارع، أو حتى غياب مشهد إحتضان أب طفله بعد انتهاء دوامه المدرسي.

كل هذه المشاهد تختفي أمام تعليقات الإستهجان و التربية الصارمة التي تربينا عليها على أن إظهار العاطفة علناً عيب، في حين أن مشاهد العنف و الشتم و الإمتعاض اعتيادية جداً و لا تقابل بنصف هذا الاستهجان، غريب فعلاً، أليس من الأجدى أن نظهر العاطفة بدل العنف؟