كم يلزم الطبيب أن يعايش الألم و الفقد و الموت حتى يصبح بكل هذا الجفاء والجمود. رائحة الموت التي تزكم الأنوف، يأكل بجانبه، يلتف معه ببطانة الليل، و يبتل معه بحمام الصباح.

كيف كان من الممكن أن يُجمل الخبر أساساً؟ أو أن يُهذب أطرافه الحادة كالنصل..

"الأمر بسيط، ستفقدين بصرك بالنهاية، أين تودين أن تقومي بالعملية لتقليل هذا الاحتمال؟"

لوهلة بدا الأمر مضحكاً وبشدة، ودت أن تسترسل في ضحك جاف بلا انقطاع، ربما بدت ردة فعلها تدل على قوة الشخصية و صلابتها حين لم تجفل أمام خبر بهذا الثقل ، إلا أنها لم تكن سوى انعكاس ضحل لكل الاحتمالات الواسعة التي كانت لتحصل بسرها، و على نحو مفاجئ ربما، أمام هذه المعضلة، انسلت لوحة العشاء الأخير سامقة بمرونة مذهلة أمام كل هذا الثقل، كيف حافظت على وضوحها و نقائها و لماذا الآن، توقعت أن تفاجئها رغبة ملحة بالعمرةـ و لكن لم تدر كيف انتصبت لوحة ليوناردو دافنشي كرغبة ملحة لا تقبل الرفض قبل أن تخفت الشعلة تدريجيا و يغيب العالم خلف العتمة الجديدة بضجيجها المألوف. فكرت كيف ستبدو التفاصيل مذهلة عن قرب و ربما رائحة الطلاء العتيق ستذهلها أيضاً...

"أي مشفىً تفضلين؟"

جاءت الأجابة خافتة في سرها و لكن واضحة: إيطاليا.

"سأذهب لاستشارة طبيب آخر!"

15/12/2016