السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عودة الذاكرة:

البارحة كنت أتجول بين مجتمعات حسوب واتنقل من موضوع الى آخر كما أفعل عادةً، ووقفت على موضوع للأخ @الازرق

  • حول طابعة ثلاثية الأبعاد رخيصة الثمن -، المهم انه استرعى انتباهي مجموعة من التعليقات حول منع الطابعات ثلاثية الأبعاد في الدول العربية. وبعد قراءة سلسلة التعليقات كاملة، أعادت لي الذاكرة حادثة حصلت معي منذ عام منصرم تقريباً.

القصة:

كنت مسافراً عن طريق السيارة خلال بعض دول الوطن العربي، وما ان وصلنا إحدى الدول حتى وقفنا على الحدود أو ما يسمى بالتفتيش الجمركي.

جاء الينا الضابط مرتدياً بذلته الأنيقه ونظارته الشمسية ونظر الى متاعنا ولم يلفت انتباهه الا مجموعة من الكتب الشخصية كنت أحملها معي، أردت نقلها من دولة لأخرى.

شَارعَ بالتحقيق وسرعان ما بدأ بالتفوه ونطقٍ لعبارات لا تُفهم ليكون لها جواب مثل: ما هذه؟ ما هذه الكتب؟ عما تتحدث؟ وغيرها من العبارات وكأنه يرى كتاباً للمرة الأولى في حياته!.

المهم بدأت بإخباره بأنها كتب شخصية لي منها القديم والحديث ومنها كتب دراسية أيام الجامعة وغيرها، عدد الكتب لم يكن كبيراً لك أن تتخيل انه بالإمكان وضعها في في كيس واحد متوسط الحجم وهذا ما فعلته في ذلك الوقت.

بدى على وجهه علامات التعجب مما رأى، أحسست انه لا يستطيع القراءة بدأ يسمك الكتب واحدة تلو الأخرى ويضعها جانباً ثم يقلب بعض الصفحات وهكذا، الى أن قال كلمته المشهورة: "ألا تعلم أن هذه ممنوعة؟"، أردت أن أضحك ولكنني تمالكت نفسي، وقلت له كيف وبأي حق تريد منع هذه الكتب، قال: بأن هذه الكتب - لم أعرف أهو يقصد الكتب بشكل عام أم هذه الكتب بالذات - ممنوع تداولها وبيعها في هذا البلد!!.

قلت: يال العجب، يا رجل أما تعلم أن نصف هذه الكتب قد اشتريتها من هذا البلد الرائع الذي تتحدث عنه؟!، منها ما كان شارة السعر مطبوعاً عليها بعملة بلدك ومنها ما طبع في بلدك ومنها ومنها .... ، لم يستطع بعدها الكلام. أراد أخذي الى المحقق ولم أبدي أية مشاعر له ثم سرعان ما غير رأيه، وقال فقط أخبرني عن ماذا تتحدث هذه الكتب؟

وكان يحمل بين يديه كتاب فقه الأسماء الحسنى، للشيخ: عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر.

وكتاب آخر وهو صحيح السيرة النبوية، للشيخ: محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى -

جاوبته عن ماهية هذه الكتب وبعد نقاش عقيم ومحاولات ترهيب تركني أذهب بكتبي.

وفي طريق العودة الى الوطن راجعت كتبي لم أر من بينها كتب مثيرة للريبة لكي يخاف على أمن البلد منها! قلت في نفسي لا نزال متأخرين جداً مع الأسف لنقوم بمنع كتاب من دخول حدود بين الدول وكأنه من الممنوعات، نظرت الى السماء وشعرت انني انظر الى الخدمات السحابية على الإنترنت؛ قد أصبح بإمكاننا تحميل أي كتاب وادخاله للبلد رغماً عن أعتى حدود، أن نحصل على ملايين الكتب دفعة واحدة من دون جمارك أو سؤال، ولا يزال أصحابنا يمنعون كتاباً من دخول دولة ما بحجة الأمن.

فيما بعد:

جلست أفكر بالموقف الذي قام به هذا الرجل هل كان جاداً أم ماذا؟ لم أعرف وقتها ما كان هدفه هل أراد أن يخيفني؟ هل هو أحمق أو أُمي؟ لا يبدو عليه ذلك، ولا أظن انهم سيوظفون أحداً يكون أمياً على معبر الحدود. رميت الموقف خلف ظهري مبصراً لواقعٍ أليم نعيش فيه، مقبلاً على أيامٍ قادمة ومتناسياً موقفٌ حاك في صدري لمدى التخلف القاطن في بلادي الحبيبة.

عادل بن ماهر آل عبود.