اخواني الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله، وعذرا مسبقا لأني صدعت رأسكم كثيرا بقصصي الضبابية التي لا تود أن تنتهي ne :)

كرهت الاستعباد من قبل أشخاص لا يدفعون لي أي شيئ سوى شهادة دبلوم ستُقذف في وجهي بعد ثلاثة سنوات من الآن... وجوه تكسوها الطيبة مدفون خلفها أشد أنواع أساليب الخبث خبثا، ألا وهي لعب دور الناصح في حين أنّ الهدف الحقيقي هو استغلال هذه الملامح التي تعكس السفه والعته.. عمالة مجانية دون دفع فلس واحد -ولا في الأحلام- ...لكن فرحتهم لم تدم طويلا لأن هذه الألعاب لاتنطلي على شرير مثلي :v لأني لعبتها بامتياز في وقت مضى (أنا تائب الآن) تشاورنا طويلا أنا وصديقي حول هذا الأمر وخلصنا الى نتيجة التوقف عن العمل.. فكانت ردّة فعلهم مفاجئة.. كانوا يُلقون علينا الأوامر والشتائم والتهديدات مرارا،.. كنّا ضائعين لا بأس ان تلقينا منهم نظرة عبوسة قمطريرة متى رغبوا بذلك.. عملوا فينا الخير بعدما كنّا متشردين في الشارع، وجوهنا سكنها الفقر، جيوبنا سكنتها بيوت العنكبوت على أي حال لا يوجد أي باب لنطرقه سوى بابهم -الأبطال الذين انتشلونا من عمق المجتمع المظلم شكرا لكم- هكذا كانوا يعتقدون... فبعدما كانوا كذلك أصبحوا كالأرض ندوس عليها حيث ما شئنا ومتى نزغت لي نفسي ألدغ.. بدأت دروس النصح المفخخة تخرج من ألسنتهم لتدخل في أذني لتخرج من أخرى.. لا تريدون اظهار الاحتياج لنا ؟ لا بأس.. سأبقى كالشوكة في حناجركم حتّى تفقدوا الأمل لا تخافوا علي أنا لن أسأم.. كل محاولاتهم انهارت و باءت بالفشل أمامي، كنت أستفزهم و أستمتع كأني أشاهد فيلما ... حتى نطق مدير المكتب أخيرا -نحن مضغطون من قبل كثير من العملاء أرجوكم لا تغادروا نحن نحتاجكم بشدة على الأقل ابقوا الى جانبنا ريثما ننهي هذه الأعمال- صديقي المسكين تأثر بكلامهم كثيرا وظنهم فعلا يبحثون عن مصلحته.. اصطحبنا المدير بسيارته متشبثا بمحاولاته البائسة التي شطبت أنا عنها باللّون الأحمر.. بعدما رحل.. قال لي صديقي: أرأيت المساكين إنهم أشخاص طيبون، أعتقد أننا أخطأنا بحقهم و ظلمناهم.. ماذا سنفعل ان توقفنا... قلت له: هل خدعوك بهذه البساطة ؟؟ -لا يريد أن يظهر لي هو أيضا أنه غبي- قلت له: حسنا سنبقى معهم فقط لوجه الله بشكل مؤقت ريثما تمر هذه العاصفة الهوجاء عنهم.. ثم سنرى ماذا سنفعل..

تغيبت في اليوم الموالي، لأقضي بعض المشاغل... في اللّيل فاجأني صديقي أنهم أحسنوا معاملته بشكل جيد الأمر الذي جعله يحب هذه المهنة وربما هو مستعد لتمضية 3 سنوات معهم... في الغد أيضا تغيبت... الأمر الذي جعلني أكره المهنة وغير مستعد لانفاق شبابي هناك ... فكما يقول المثل: "بعيد عن العين بعيد عن القلب" .. قلت لصديقي في الغد أيضا لن آتي وبعد غد أيضا لن آتي ويوم الجمعة منذ قديم الزمان وأنا لا أشتغل فيه اذن لن آتي، يمكنك اضافة يومي السبت والأحد وأشطب باقي الأيام لأن رجلي لن تستقر في ذلك المكتب مجددا ... وقع هذا القرار كالصاعقة على صديقي وغارت عيناه حزنا .. كيف ستتركني هناك لوحدي.. ترجاني لأذهب معه لكني أبيت مع أني شفقت عليه كثيرا.. الشخص الوحيد الذي يآزره ويرسم البهجة في ذلك المكان هو أنا ومن غيري.. فقد اتزانه واصفرت ملامحه، كاد قلبي أن يتمزّق.. لكن... ! قراراتي بصعوبة أتراجع عنها خاصة ان كانت على شيئ ضره أكثر من نفعه


الأسباب الحقيقية التي دفعتني للمغادرة : كنت أعمل كطوبغرافي معهم.. كالخنزير يجب أن أحشر نفسي في أعماق الأدغال متحديا الأشواك و الطين وأي شيئ يقع في طريقي.. ان قلت لهم لا أستطيع الدخول في هذه الأحراش المتشابكة قالوا لي.. بلى تستطيع، اصنع طريقا أو لا أدري.. المهم دبّر حلاً... مع الأوامر و الأصوات المستفزة كدت أنا وصديقي ندخل معهم في عراك حقيقي كم من مرة لولا التريث.. انسحبت من الطبوغرافيا وتركت صديقي يتولى الأمر لأنشغل أنا بالهندسة المعمارية و الرسم عن طريق الأرشيكاد .. كل من سألت أن يشرح لي طريقة عمل هذا البرنامج، جاوبني بدوره بكومة من الأسئلة مفادها -لا تطرح علي هذه الأسئلة مجددا- ليس عندنا الوقت لكي نعلّمك، اذهب وانخرط في احدى الدورات التعليمية المكلفة .. بالطبع أنا من سيتولى دفعها.. نخرج من العمل في وقت متأخر أحيانا حتى السادسة والنصف مساءا، ونظرا لأن لدي عمل آخر في اللّيل دائما ما أكون منهك .. والجميل في الأمر أني أعمل بشكل مجاني -لست مستعد لهذا-.. كلا البرنامجين الأرشيكاد و الأوتوكاد مقرصنين، لن أسمح لأحد أن يكسب مال ملوث من ظهري.. -كان المال الحرام والعمليات الربوية من بين الأسباب التي توقفت عن الدراسة في الجامعة بسببها كيف سأضحي من أجل هؤلاء اذن- فوق هذا كله هناك شخص متكبر مغرور يلعب دور السيد.. أعرف أني ان بقيت هناك طويلا سأدخل السجن بسببه.. انسحبت من الطبوغرافيا مع ذلك يترجوني للخروج معهم للغابات.. قررت المغادرة !