من أين أبدا شِكاتي ولمن أشكو بثّي، أجرت جدَّتي عملية جراحية، وهي تُقيم في بيتنا، وهذا يعني أنّ الضيوف يحلّون في دارنا على مدار الساعة، حتّى أنّ عمتي، وأولادها الثلاثة يُقيمون عندنا.

لست على ما يُرام في الكلّية هذه الأيّام، لم أعد شغوفًا بما يُدرَّس، لم أعد أسأل الأسئلة وأتحرّى الاجابات، وهذا بدوره يجعلني أقل ثقة في أوقات كثيرة، وأنت لا تُريد أن تعيش في عقلي عندما يبدأ التشكيك في نفسه.

عادة أستطيع أن أعالج هذه المواقف بوضع ساعات أكثر من الدراسة، لكنّ الأمر عسير هذه المرّة بعدما قدَّمت لكم، فهناك زيارات يجب أن أخرج لها، وهناك ضيوف يجب أن أتبادل معهم أطراف الحديث، خصوصًا عندما يكون والدي خارج البيت.

أولاد عمتي نصبوا الأكس بوكس في غرفتي المقدّسة، تلك الغرفة التي لم أكن ألعب بها لعبة لئلًا أعتاد الأمر، كنت أتخذ جدرانها تذكارًا بالعودة إلى التركيز، وانجاز المهام.

أشعرُ أحيانًا أنّي شخص غير مضياف، فليس من أصول القرى، ولا كرم الجيرة، أن تتأفأف من هذه المواقف ولو سِرًّا، لكن حاتم الطائي وكرماء العرب لم يدرسوا الطبّ، ولم تكن لديهم تراكمات في الجراحة والباطنية والأمراض!

قررت أن أكون أكثر صرامة في الأيّام الأخيرة، حينما يأتي ضيف تعوّدنا عليه، وأطمئن أنّه لن يبقى وحيدًا من دوني، أستأذنه بأنّ لي محاضرة الكترونية عاجلة.

وبّخت عصابة الأكس بوكس في ليلة، قلت لهم أنّه وقت نوم وأحتاج أن أرتاح، وكانت هذه أوّل الخطى، اليوم قلعت موصلات هذا الجهاز البغيض، ونصبتُ لابتوبي ومتعلّقاته، وقلت لهم التمسوا تلفازًا في الطابق السفلي، فلديّ أمتحانات قريبة.

أنا أعلم أنّ هذه الأيّام وقتية، وأحاول أن أبدو طيّبًا في معظم الوقت، لأنّ الطيبة هي الإعداد الافتراضي، ولو أظهرت غيرها لما نسيتها النفوس، ولتذكّروها طويلًا، ولا أريد أن أترك إلّا الأثر الطيّب.

كتبتُ هذا الموضوع لأرفّه عن نفسي، وأسالكم: هل هناك من طرق لقول "لا" في مواقف بشكل يُوازن بين الطيبة والصرامة؟