كان ذلك مضمون الرسالة التي أرسلتها إلى إحدى صديقات الطفولة صباح اليوم، فتحت الرسالة مباشرة متجاهلة أي رسائل أخرى.. ولم يكن هناك أي تفاصيل فقط تلك الجملة.

كتبت أصابعي بشكل أوتوماتيكي" كيف عرفتِ؟" بينما داخل عقلي لم استوعب الأمر بعد.

وجدتني بألم أكتب ذلك على متصفح البحث بنفس ألفاظه "ميس ناهد ماتت"

لا أحد يتحدث عن الأمر، لن أستطيع التأكد من المعلومة من الجرائد، لن أحصل على صورة أخرى لها غير التي في ذاكرتي...

متصفح البحث أحضر لي الكثير من ال"ناهد" الأخريات، واحدة تثير الجدل، والأخرى تعمل في مهنة مرموقة وصفحات فيسبوك تحمل وجوه مختلفة، لن أجدها هنا.

دقائق وبعثت لي صديقتي رابط تنعيها فيه جارتها، مكتوب فيه أسمها والمدارس التي عملت بها، كنت أعرف اسمها وكان اسم مدرستي الإعدادية واضحا يعلن بوضوح ما رغبت بشدة في تكذيبه.

ولأنها رحلت ولن تجدوا صفحة تعريفية لها على ويكيبديا فدعوني أنا أعرفكم القليل عنها..

كانت أفضل معلمة في العالم، كانت تدرس لنا بحنان أم، رغم أنها كانت أقرب لصديقة أو أخت كبرى.

كانت شغوفة بتخصصها على عكس ما اعتدنا أن نرى المعلمين متبرمين دوما من مادتهم، كانت تعلمنا دوما بابتسامة، وعندما لا يفهم أحدنا أمرا كان تردد "التكرار يعلم الشطار" فلا نشعر بالحرج أبدا من سؤالها لتعيد لنا هذه النقطة أو تلك.

كانت تشعرنا بأنها مهتمة تماما بدرجاتنا ومستوانا، وليست تؤدي واجبها فحسب، كنت أهمل الحفظ ومع ذلك أحصل على درجات مرتفعة يسعد والدي بها، لكن معها لم يسعني إلا مذاكرة كل شيء كما لم أفعل من قبل؛ لتكون فخورة بي.

وكانت مادة العلوم هي المادة الوحيدة التي حصلت فيها على الدرجة النهائية منذ زمن بعيد، كان عدد من حصلوا على الدرجة النهائية في العلوم قليل جدا بعدد أصابع اليد الواحدة، وجميعهم من فصلها.

وحينها صممت على تكريمنا وصنعت لنا واحدة من أجمل شهادات التقدير التي حصلت عليها في حياتي.

كانت خفيفة الظل تخبرنا كيف كانت تمزح مع صديقاتها في الكلية بقولها أنها "الأقل تردد" وذلك في الأشعة والموجات يعني أنها "الأكثر انحرافا" ^_^

كانت متميزة ومختلفة، ورغم أنها لم تدرس لنا إلا عامين فقط، وانتقلت إلى مدرسة أخرى. كنت ساخطة على مدرسة العلوم في الصف الثالث فقط لأنها لم تكن هي..لم تكن "ميس ناهد"

واليوم بعد مرور ما لايقل عن ٧ أعوام عندما فجعنا خبر وفاتها في عز شبابها رحمها الله، أجد كيف كان أثرها فينا كبيرا.

الكثير علمونا، بذلوا جهدهم لنصبح ما نحن عليه وما سنصبح عليه على أفضل ما يمكن، أناس زرعوا ورحلوا قبل أن يروا بشائر غرسهم.

ربما لم يحصلوا على التقدير الذي يستحقونه في الدنيا، لكنهم ذهبوا للكريم، فليجزيهم الله عنا كل خير.

فليحكي كل واحد منا على كل من علمه خيرا ويعرفنا به لندعوا له جميعا

ورحم الله موتانا جميعا