نزلت من بيتى أسير بقدمى على طول شارعنا ،

أنظر لخطوات قدماي الثقيلتان .. أحسب خطواتي

خطوة خطوة ... اراقبهما كيف تتحركان ،

أنظر لمحلات الشارع من حولى .. للشجرة على أول شارعنا ،

شجرة الطفوله كما هى ... عتيقه منذ الصغر لم يتغير فيها شئ ،

شجرة كبيرة أمام المدرسة التى كان يذهب إليها اخواتى وأفراد عائلتى كلهم ،

فى الليل تجد الكثير من العصافير تسكنها .. تسمع أصوات العصافير الصاخبه بين أوراقها كأننا فى عز النهار .. لكن تنظر فتجد الليل فى أحلك ظلامه ،

و أحلك ظلامي أنا أيضا ..

هنا تترقرق الدموع من عينى ترغب فى أن تغسل كل شئ بداخلى

ولا تغسل اى شئ ،

مازلت أنظر لخطوات قدمى وهى تمشي !

أتعجب حركاتها !

أنها تتحرك هكذا وحدها تتسائل ياترى من المتحكم ؟

فى الظاهر يبدو لك أنك المتحكم ولكن الحقيقة غير

ذلك ،

تجد جسدك يتحرك طوعاً .. سابحاً معها بكل سهولة ويسر ..

تشعر بوجود أحد معك بداخل جسدك ولكن لا تستطيع التعرف عليه ،

ترغب أن تنشأ معه حواراً ولكن لن تجد رداً ،

تظن أنه شبحاً ظلاً يشاركك كل شيء وأحيانا يسوقك ..

غير مسموح لك أن تعلم عنه شيئاً ،

تنتهى قصه السؤال لتعبر الطريق !

بين العربات الكثيفة وسط الجموع الغفيرة من الناس ..

تخشى أن تصتدم بأحدهم من شدة الزحام ،

تنظر من وراء شباك عيونك الصغير ،

شباكك المفتوح الواصل بينك وبين العالم الخارجي ،

لترى سيارة الأجرة التى كنت تنتظر قدومها على مرمى بصرك

تتوقف ... تخبر سائقها عن وجهتك لتشاركه قصته ...

بجزء صغير من قصتك ... لتتداخل لحظات التقابل الخفيه ..

لا تعلم هل ستتقابل تلك الأرواح المجهوله عن بعضها مرة أخرى ؟

تتسائل عن تلك الحكمه وهل أثر كل منا فى حياة الآخر ؟

خلال تلك المقابلة القصيرة ؟

لتترك ذلك التفكير جانباً ...

لتركز فى حالك ودموعك ..

تتسائل متى سأتغير ؟

كم أنا ضعيف أحتاج دائما للآخرين !

كل منهم يمد يده لينتشلك ،

يحاصرك الحزن من كل اتجاه ،

أنظر من وراء زجاج ذلك الشباك الكبير بجانبى .. ألتفت بنظرى

على بائعه المناديل المنزويه بجانب الرصيف .. أمامها ذلك الصندوق الصغير .. واضعه عليه القليل من المناديل ..

سيدة كبيرة فى العمر ،

جالسه هكذا .. تنتظر من يدق باب حزنها ليشترى منها علبه منديل .. كى تفتح بابها لابتسامة واسعة ترى من ورائه فراغ أسنانها المتساقطه عن آخرها ،

لتشعر بغصه كبيرة بقلبك .. تعاتبه عن وجودك وعدم تقديرك لنعم ربك عليك ،

هل تشعر بالحزن هل تلوم نفسك هل ترغب فى الهرب ؟

اذا أنظر ولا تشيح بوجهك عن تلك السيدة العجوز !

حتى لا يسقط رداء عزتك شجاعتك قوتك أمامها ،

يسألني شبحى ! كم تمتلك هى من القوة مع الضعف ؟

لماذا لم تهرب تبكى مثلك ؟

أين أنت من تلك الشجاعه والقوة لماذا أنت بذلك الضعف أمامها ؟

ولماذا هى بتلك القوة بعجزها أمام شبابي ؟

لماذا أنتي الآن دون عن أى أحد ممن ظهر أمام عيناي ؟

لماذا الآن ؟

هل ليس لى حق فعلا فى الدموع ... بعد رؤية قوتك هل ليس لى الحق فى الشعور بالضعف أمامك ،

هل سأشعر بالخجل عند مواجهة من مثلك !

لتعود لسؤالك عن تلك الحكمه من تلك المقابلة القصيرة ..

حتى أنها لم تعلم بوجودى مطلقاً .. لم تعلم أنى كنت هنا أنظر إليها ،

لم تعلم أنها شاركتني جزء من قصه حياتى ،

كم كانت قوتها حتى من وراء شباكى ..كم غيرت نظرتي حقا ؟

ليعود شبحى يخبرنى ألم تعلم الحكمه بعد ؟

وهل أثر كل منا فى حياة الآخر ؟

خلال تلك المقابلة القصيرة ؟

لتدرك أن كل شئ كان مقدر منذ لحظه ركوبك تلك السيارة حتى لحظه وقوفك أمامها ......

اذا أثناء التأمل فى العديد من اللحظات والدقائق فى حياتك وحياة من حولك هل ستجد الكثير من الرسائل المقدرة لك ؟

هل تؤمن بذلك ؟

إذا أعطى نفسك الفرصة للتجربة !