أذكر مقولة قرأتها ذات يوم و وجدت نفسي فيها لمصطفى صادق الرافعي تقول "إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلا إذا كانت النفس قريبة من طفولتها و مرح الطفولة و لعبها و هذيانها." و أنا أدركت روعة الجمال منذ طفولتي في كل شيء من خلال نظرة أبي للألوان ، لكل ما يدور حولنا ...

منذ الصغر، كنت طفلة مقربة من أبي مهندس الكيمياء الذي كان يصنع الألوان أو بمعنى أدق يصنع طلاء الجدران في معمله الخاص ... كان لأبي نظرة جمالية لكل ما يحيط بنا .. كان يتكلم عن الألوان بربطها بأشياء أخرى كان يتكلم عن الأصفر بربطه بالبطاطا و كان يربط الأحمر بالآجر و الأخضر بالفزدق .. كان له طريقته الخاصة في الحديث عن الألوان .. كان يتعدى حديثه عن اللون إلى ما وراء اللون ... كنا كثيرا ما نكون بصدد متابعة برنامج تلفزيوني أو نشرة إخبارية و نجد أبي لا شعوريا يتكلم عن تماشي ألوان بدلة المذيع من عدمها و إشادته بحسن تنسيق ألوان البدلة من عدمه ... كان يشيد لأمي و لنا بتناسق ملابسنا و أي الألوان تناسبنا أكثر ... كبرت و كبر حب الألوان فيا كما هو الحال بالنسبة لأبي ... كنت لا شعوريا أحب تنسيق ألوان ملابسي .. أحب المكياج لا كمنتج تجميلي كما يراه البعض بل كشغف لألوانه التي دائما ما كانت تبهرني .. أحب لبس إكسسوارات عديدة و تنسيقها مع ألوان ملابسي.. كنت أشتري ألوان كثيرة من طلاء الأظافر حتى تلك التي لم أقم يوما باستعمالها ... أحب الورود بجميع أنواعها لاختلاف ألوانها كما أحب الإعتناء بها بنفسي ... كنت أبصر الألوان في كل ما يحيط بي أو الجمال بمعنى أدق. كبرت و كبر حب الألوان فيا الذي سكنني منذ الطفولة و ظل و لا يزال يكبر معي ... كنت و لا أزال أبصر الجمال بعين أبي الذي علمني أن أبصر الجمال في كل شيء و أن أحب الجمال كيف لا و الله جميل يحب الجمال.