في عام ٢٠٠٦ كنت بالصف الخامس ابتدائي وكان والدي رحمه الله تزوج بعد وفاة والدتي بفترة طويلة .حدث موقف لازلت اتذكره في نهاية الدوام في المدرسة الابتدائية قبل ان انصرف الى المنزل اتى مدير المدرسة وقال قولي لوالدك ان ينتظر استاذ مادة الدين يرغب بالتحدث اليه اخبرت والدي وتحدث معه قال قول لابنتك ان تلبس الحجاب بعد ان سمعت هذه الكلمة اصبت بحالة بكاء هستيرية بعدها زوجة ابي قالت لماذا تبكي كفي عن البكاء بطريقة صارمة بعدها في المنزل بعد ان انتهينا من تناول وجبة الغذاء قالت تعالي لنتحدث فذهبت معها الى غرفتها وتحدثنا قالت مابك قلت لااريد ارتداء الحجاب قالت حسنا لاتلبسي لدي اقتراح ساشتري لك مريول طويل مع بنطلون قلت حسنا وبعدها بشهر رمضان استاذة اللغة العربية اشترت لي حجاب وارغمتني على ارتدائه لاانكر بانني كنت اشعر بالسعادة انذاك لكن الان كلما تذكرت هذا الموقف اشعر بان طفولتي سلبت مني بالقوة..موقف اخر كنت احب اللعب بالدمى بسن ١٢ فكانت زوجة ابي تقول عيب انتي اصبحتي كبيرة الناس ستتكلم بعدها اصبحت العب بالدمى بالخفاء وعند سفري الى احدى الدول المتقدمة رائيت حقائب مدرسية فيها رسومات اخدت واحدة وكنت بقمة سعادتي وعندما رائيت الفتيات هناك تعيش طفولتها ومراهقتها شعرت بالحزن وعند عودتي الى بلدي وعند اول يوم دراسي زوجة ابي رات شنطتي التي بها رسومات قالت ماهذا الغباء لماذا اخدتي هذه الشنطة شعرت بالالم لقد سلبوا مني طفولتي .
سلبوا مني طفولتي
مبدئيًا عند إتخاذ أو تنفيذ قرار ما -سواء كنا نحن الذين قررنا أو فرض علينا هذا القرار- لابد أن نكون مقتنعين به قناعة تامة .
لربما أنتِ لست الوحيدة هناك الكثير من الأطفال سُلبت منهم طفولتهم ليس نتيجة فرض حجاب ، بل لأن هؤلاء الأطفال عايشوا حروبًا بشعة ، لم تجعلهم يعيشوا بسعادة، أيضًا براءتهم أُغتيلت ، بالكاد استطاعوا أن يتعايشوا مع تلك الظروف الصعبة .
أتفهمكِ يا سارة بشكل كبير ، ولكن أعتقد أن طفولتكِ كانت أفضل من الكثيرين من الأطفال .
أعرف طفلًا في عمر العاشرة ، ترك مدرسته أي حرم من تعليمه عزيزتي وبات يعمل في مجال البناء
لمساعدة أهله نتيجة أن والده قد توفي عندما كان في عمر السنتين ، ولكي يعيل هذا الطفل عائلته ، بدأ يعمل في مجال البناء .
فمن المفترض أن يعيش هذا الطفل طفولته مثله مثل الأطفال الاخرين ولكن للأسف حُرم من تعليمه
ومن الرعاية الصحية ومن الأكل الصحي ومن الكثير من الحقوق .
هناك امور لا خيار لنا فيها ، ما دخل الحجاب بالطفولة ، وارجوكي لا تأخذي كلامي على انه استهتار بمشاعرك، ولكن اعتبريني أخت كبرى ومعجبة بحساسيتك وذاكرتك النبيهة التي اختارت مواقف دقيقة وحفرتها واحتفظت بها لسنوات، ومن هذا المنطلق أرجوكي وبنفس الدقة أن تمسحي هذه التجارب المؤلمة، فأنتي الوحيدة الخاسرة لو ظلت معكي.
عزيزتي سارة ، ربما من طلبوا منكي ارتداء الحجاب كانوا أجلاف في طريقتهم ، ولكنهم في النهاية ارادوا مصلحتك والحجاب فريضة ولا دخل له بالجمال ولا بالمرح ولا بالتفاعل مع الحياة بكافة الأنشطة. ولكن الحمد لله كل شيء قد انتهى ، السنواتا لمؤلمة والطريقة الغبية في الاقتراح ووو ، الحمد لله مر كل ذلك بسلام.
كررتي كثيرا زوجة ابي ، وذكرتي فقد أمك عليها رحمة الله وان والك تزوج بعدها بكثير، واعتقد ان اكثر ما يؤلمك في مواقف زوجة ابيكي هو فقد والدتك، وألمس من تحليل خطابك، رفضك لزوجة ابيكي فهي ليست أمك ، لا اعلم إن كان كلامي صحيح ، لكنه مجرد تخمين سامحيني لو أخطا.
زوجة ابيكي لا دخل لها في وفاة والدتك، وكان عندها اسباب لتتزوج ابيكي ، انظري لموقفها من وجهة نظرها، وجردي الموقف من موضوع زوجة الأب ، بمعنى : هل لو كانت والدتك عليها رحمة الله هي التي نهرتك وقت البكاء ، كنتي ستغضبين. اعتقد لا، كلنا ضربتنا أمهاتنا بالخرطوم ولم نغضب، هل لو كانت والدتك عليها رحمة الله هي التي رفضت الرسومات وقالت لك إنك كبرتي ، هل كنتي ستغضبين؟ اعتقد لا .
انتي غضبانة لأن والدتك توفاها الله، وترفضين تدخل زوجة ابيكي في حياتك وملحوظاتها ولو كانت لصالحك وبدون ان تعرفي اسبابها.
وهذا ليس عدلا، إنهاء حياة والدك كان بقدر من الله ولحكمة يعلمها هو سبحانه، وإن كان المصاب جلل قلا شك أن به بعض المزايا، ومنها أنك أنت امتداد لولدتك عليها رحمة الله ، تحملين دمها ، وأي عمل صالح ستعمليه سيعود بالثواب والحسنات عليها ، يمكنك الدعاء لها والتصدق على روحها، هل رأيتي ان وجودك وكأنه حياة ثانية لها ، وقريبا بإذن الله ترتبطين وتنجبين فتاة جميلة وتعلميها نفس القيم والحنان الذي زرعته فيكي والدتك،
وعندما رائيت الفتيات هناك تعيش طفولتها ومراهقتها شعرت بالحزن
لا تقارني نفسك باحد، لولا هذه المقارنة لما شعرتي بالحزن ، كما ان لديك ما يفرحك ايضا ولكنك لم تلتفتي إليه، شغلك الحزن عن ذلك.
قالت ماهذا الغباء لماذا اخدتي هذه الشنطة شعرت بالالم
رأيها وهي حرة فيه ، المهم إن الشنطة عجبتك وإنك اشتريتها، والغريب يا سارة إن البنات منذ نعومة اظفارهن يتقلدن بالكبار ويحاولن استخدام الميك اب وارتداء الكعب العالي وفك الضفائر ... الخ ، لماذا تنتمين أكثر لمرحلة الطفولة ؟
حاولي الاجابة وإبدئي من هناك، دعيني اساعدك: انتي تنتمين للطفولة التي تذكرك بحاجتك لأمك.
تريدين نصيحتي: الرضا بالمقسوم عبادة ، والموت ليس نهاية وإنما هو حياة ثانية، يعقبها لقاء بإذن الله في الجنة مع الأحباب بلا وداع ولا فراق، اعملي لهذا اللقاء برضا وبحب وبتسليم بقضاء الله وقدره.
إقرأي وتفكري في هذه الحكمة لابن عطاء الله السكندري : ربما أعطاك الله فمنعك، وربما منعك فأعطاك , ومتى فتح لك باب الفهم في المنع، عاد المنع هو عين العطا.
واقرأي قوله تعالى : وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة
اعتذر عن الاطالة
آسفة لما حدث لكي يا سارة، لكن عزيزتي تجاوزي هذا واعطفي على نفسك واخرجي من عقلية الماضي، بأن فلانًا فعل هذا وأساء لي في كذا وفلانًا ظلمني في كذا، تجاوزي هذا، لن يأتي المستقبل ما دمت تتمسكين بالماضي
التعليقات