التغيير والاخرين

عموما لا أفضل نظرية المؤامرة عند التفكير فى أي مسألة، وهُنا إذا فكرنا بمنطقية، سنجد على سبيل المثال: أن خصم جزء من مرتبه الشهري كان بسبب أداءه السيء فى (الشهر الماضي).

الشهر الماضي، لم يكن قد غيّر من سلوكياته وتصرفاته، ولم يكن قد بذل جهدا للتحسين من نفسه، ونتيجة لذلك تم خصم الأموال، هُنا خصم الأموال نتيجة لفعله وعليه بكل بساطة أن يكون مسئولا عنها ويتحملها.

بل أن يكون ذلك حافزا له لأن يستكمل مسيرته نحو التغيير كي لا يتكرر ذلك مجددا ومجددا..

وأن يفكر بعقلية الشخص الجديد الذي يحاول أن يكون عليه، لا أن يظن أن الآخرين يقفون ضد تغييره!

وأضيف على ذلك، أن نعرف جيدا عند الإقبال على أي خطوة تغيير فى حياتنا، أننا نتغير لأنفسنا، بالطبع سنحتاج تشجيعا من الآخرين، لكننا لن نعتمد عليه كوقود أساسي لنستكمل خطواتنا.

رغبة الإنسان فى التغيير تنبع فى الأساس من إدراكه لوجود مشكلة ما - الإدراك هو نصف الطريق - ، فالمطلوب أن يكون قويا بالشكل الكافي ليستكمل عملية التغيير ويلاحظ نتائجها، لا أن يستسلم من أول جولة!

غالبا التغيير يتم مقاومته من قبل الآخرين خاصة الأشخاص المحبطين، لذا من يسلك طريق التغيير وخاصة للأفضل يضع بذهنه ما يمكن أن يقابله من تحديات، بجانب أن التغيير يحتاج لإرادة قوية وعزيمة للاستمرار.

علينا أن نفهم جيدا، أن التغيرات التي نقوم بها أي كان نوعها فهي لأنفسنا لا لغيرنا، لا داع أن ننتظر ردود أفعالهم "خاصة السلبية"، فقد تضرنا أكثر مما تنفعنا.

هنا يفقد بطلنا اعصابه وبكل حزن واسى يعود اكثر اصرارا الى شخصه القديم.

وهذا ما يعني أنه فشل وكان أضعف من أن يواجه، وأعتقد أن أحد أفضل الطرق للتخلص من التأثيرات السلبية تحويلها لإيجابية، فإذا قال له أحدهم لقد تأخرت في الإقلاع عن التدخين، يعرف مدى اهمية العمل الذي قام به فأشخاص آخرين لم يستطيعوا ذلك..

المقولة المنسوبة بالخطأ الى سيغموند فرويد أحيانًا، وويليام غيبسون أحيانًا، تقول: " قبل أن تقرر أنك مريض بالإكتئاب النفسي والإحباط, تأكد أنك لم تكن محاطاً بالأغبياء"، تظل مقولة دقيقة بدون شك، حتى لو تُستخدم من باب المزاح عادة.

هنا يفقد بطلنا اعصابه وبكل حزن واسى يعود اكثر اصرارا الى شخصه القديم

من أكبر اسباب تعاسة الفرد، أنه يكون على صلة دائمة بشخص غبي .. غبي هنا ، ليس معناها الإساءة ، أو ضعف قدراته العقلية وتأخر ردود أفعاله .. غبي ليس المقصود بها unintelligent يعني ، أو " عدم الذكاء " ، أو عدم " سرعة البديهة ".

لكن الغبي بمعنى قصور رؤيته وتحليله للأمور، وإلتصاقها مع جهل واوهام وأنانية وقلة وعي ، ثم البناء على الرؤية والتحليل القاصِر الخايب هذا، حياة .. والحياة هذه انت اما شريك غير فاعِل فيها (غير قادر على تغييرها ) او تابع غير مؤثر ، وبالتالي تلاقي نفسك طوال الوقت تتحمّل نتائج هذا القصور في حياتك انت.

التعرّض لغباء عن بُعد ، هو في حد ذاته مَجْهدةٌ عظيمة للنفس .. فما بالك أن يكون الغباء في محيطك الأقرب ، هذا في حد ذاته إجهاد مميت على حالتك النفسية بدون أدنى شك. دائرة حياتك الأقرب التي بها هرم ماسلو للاحتياجات من أمان وغذاء وسلامة نفسية وجسدية ورؤى لحل المشاكل ، كلها مُعرّضة للخطر بسبب تصرّفات غبيّة قاصرة العقل والرؤية من " آخر " يصعب التخلص منه ، لمليون سبب منها انك تكون متعاطف معاه اصلاً.

فلما تشوف نماذج متطرّفة من الاكتئاب أو التمرّد أو التطرّف في الانغلاق أو الانفتاح، في معظم الاحوال ستجد الخيوط كلها تشير الى مصدر غباء شرير وخفي ، ثقيل ومؤثر في حياته ، هو اللي أدّى بهذا الشخص الى كل ما فيه من معاناة نفسية. سواء كان في نطاق الزواج / الاسرة / العمل / الحياة الاجتماعية.

غبي، قاصر الرؤية والتحليل والوعي، كل شيء يفعله بدافع هذا الغباء، انت بتدفع ثمنه طوعًا او كرهًا ، سواء كان الثمن الذي تدفعه سخافة وتضييع وقت، أو ثمن مهول تدفعه من اعصابك وحياتك وأحلامك واحتياجاتك الأولى. هل فيه حياة أكثر ارهاقاً من هذه ؟

المقولة التي تُقال من باب الطرافة، واقعية ومُشاهَدة كل يوم، لكن لا يوجد أحد يُحب التكلم عنها بوضوح، لأنه بيكون مُحرج في كثير من الأحيان أنّ تصرّح إنّ تعاستك سببها وجود شيء غبي في حياتك.

الأغبياء لا ينتهون، ويحيطون بنا في كل مكان، ولا يكفّون عن إيذائنا وتقليل عزيمتنا تجاه أى شئ ..

لذا أجد أن اول خطوة يقوم بها من يريد التغيّر هو تغيير البيئة التي يعيش بها ..

البيئة التي تحيط علينا تؤثر بدرجة كبيرة، والقصة التي ذكرتها مثال كبير على ذلك ..

فإذا ما حاول أحد أن يغير من نفسه فليغير في البداية من محيطه القديم، فالتغيير يبدأ من هنا .

أعتقد أنّ المشكلة في هذا الإحباط الذي يصيبنا عندما نحاول التغير للأفضل هو توقّعنا للنتائج بشكل لحظي وسريع، فنعتقد بمجرّد استيقاظنا صباحاً واتّخاذنا القرار بتغيير عاداتنا السيئة بإنّ حالنا سيتحول للأفضل بشكل سحري في غضون أيّام!

الحقيقة أنّ عملية التغيير والتخلي عن العادات السلبية واكتساب العادات الجيدة عملية مطوّلة وتحتاج الكثير من الوقت والفشل وإعادة المحاولة. فعلينا أن نهيّأ عقليتنا بهذه الطريقة، صحيح أنّ إدخال التغييرات لحياتنا يحتاج لدفعة من النشاط والتفاؤل ولكن هاته المشاعر سرعان ما تتلاشى ويصبح علينا الاعتماد على الالتزام المطوّل والصبر.

بالإضافة إلى أنّنا يجب أن نتخلّص من جميع الأشخاص السلبيين (أو نبتعد عنهم على الأقل) في الفترة الأوليّة التي نكون فيها ربما ضعيفين تجاه عادات معينة مثل التدخين وغيرها.

سعيدة جدًا بروايتك عن هذا البطل، اتمنى ألا يعير هذا البطل انتباه للمشتتين فهم لن يتوقفوا عن أبدًا عن التعليق سواء كان في حالة سلبية أو ايجابية