منذ عدة أعوام و أثناء عملي في المجال التطوعي و ضمن إحدى الحملات الشتوية كان لدينا مهمة توزيع بعض الحاجيات الأساسية على العائلات التي تقطن إحدى المخيمات في إحدى دولنا العربية

كلنا نعرف الوضع المأساوي الذي يعيشه أهلنا داخل المخيمات و مدى الحاجة و البؤس الذين يخيمان على السكان

بالطبع أنا لا أكتب المقال حتى أجد حلا للمخيمات فالواضح للجميع أن اللعبة الإنسانية لا تنفك عن السياسية و أن الأمر أكبر بكثير مني و منك كأفراد

و لكن أريد أن أروي لكم ما حدث معنا في هذه الحملة

دخلنا بالسيارات و الشاحنات المحملة بوسائل التدفئة و سلل الغذاء و نحن لدينا قائمة بأسماء العائلات التي نريد استهدافها بالتنسيق مع المختصين هناك

و فجأة و بدون سابق إنذار بدأ الهجوم من كل طرف على السيارات

فهم يعلمون تمام العلم أننا لن نستطيع التوزيع للكل فأعداد سكان المخيم تفوق المئتي ألف أو أكثر

و استمر الهجوم و نحن نسير بالسيارات في محاولة من الأفراد أن يحصلوا ما يستطيعون تحصيله و للأسف توقفت الحملة و عدنا أدراجنا بناء على طلب الجهات الامنية

و هنا يبدأ نقاشنا ..

من دفع هذا الشخص أو الأشخاص للقيام بمثل هذا الفعل ؟

كلنا نعلم أنه من بين كل فئة مجتمعية يوجد السيئون و يوجد اللصوص و يوجد الانتهازيون

و لكن من المؤكد أن هؤلاء الذين هجموا على السيارات ليسوا كلهم كذلك و لا حتى معظمهم

هل هو الطمع ؟ ولو أنك لست بحاجة لكنك تطمع بأخذ كل شيء

أم أن الحاجة و الوضع المعيشي يجبرك على فعل هذا ؟

هو يعلم أنه في ظل وجود الأنظمة المعمول بها .. قد ينتظر شهورا بدون مساعدات

فأصبح أخونا مستعدا للسرقة من أجل ألا يرى ابنته أو زوجته أو اخته تموت جوعا

قد يقوم بفعل أي شيء .. من كذب إلى سرقة إلى احتيال لكي يحصل على شيء يرجع به إلى أهله

هل يمكن تبريير فعله ؟

ماذا لو قلنا لا ؟ ماذا لو قلنا الشر لا يبرر ؟ هل يترك نفسه للموت ؟

للحظة الأولى و عندما كنا داخل المخيم نظرنا لهم كأشرار

و لكن بعد ساعة من خروجنا

بدأنا بالبكاء على الوضع و وجدنا أن كل ما يفعلونه مبرر

فهل تستطيعون تبريره ؟