كنت أعتقد لفترة طويلة من حياتي أن التأمل هو أمر يمارسه البعض من باب الرفاهيه، وكنت أرى أن وقتي أثمن بكثير من أن أضيعه في التأمل والأسترخاء والتفكير في اللاشيء، صدقاً كنت أعتبر فكرة طرد الأفكار والتحديق في الفراغ هي شيء من الجنون، لأنني أرى أن الأفكار العظيمة قد تأتي في أي لحظة ويجب علي أن أكون مستعداً دائماً لإستقبالها…

بعدما أصُبت بالإكتئاب، نُصحت كثيراً ببمارسة التأمل، وتجاهلت هذا الأمر لفترة طويلة حتى أوشك القلق أن يقتلني، ولم أعد أقوى على ممارسة أبسط الأمور بشكل طبيعي، هُنا قررت أن أعطي التأمل فرصة لتهدئة عقلي وليعود التوازن إلى حياتي، قمت بسؤال أحد المقربين الذي يمارسون التأمل...كيف لي أن أبدأ بممارسة التأمل؟

أخبرني أن الموضوع بسيط جداً ولا يحتاج للكثير من التعقيدات، طلب مني أن أجد مكاناً هادئاً ومريحاً، وان لا أفكر في شيء، أخبرني بأن الأمر سيكون مرهقاً للغاية ولكنني لم أصدق إلا عندما قمت بالتجربة…

أنعزلت بنفسي بعيداً عن العالم، وبدأت أتأمل تنفسي وأحاول أن أطرد جميع الأفكار من رأسي، كانت الأفكار تهاجمني من كل حدب وصوب، وكنت أجاهد بشدة لأوقفها وأن لا أسمح لها بالإسترسال في داخل عقلي، استمريت على هذا الحال حوالي 15 دقيقة، وكانت الأطول في حياتي، وضعتني هذه التجربة في حالة من الوعي، جعلتني أعي بأنني سمحت لعقلي أن يكون هو المسيطر لفترة طويلة من حياتي حتى شعرت بأنني فقدت السيطرة عليه، ساعدتني تجربة التأمل في التوقف عن التفكير لبعض الوقت واستعادة التوازن من جديد…

لا اعتقد أبداً بأنها ستكون تجربتي الأخيرة في التأمل