الفترة الحالية هناك ما يسمى بحمى الاستثمارات في المشاريع الناشئة و خصوصاً المشاريع التقنية .

هذا الشيء يجعل الكثير يبدأ بإنشاء مشروعه التقني على آمل أن تشمله ملايين الدولارات التي يسمعها في وسائل الإعلام .

و لأن الكثير يحب المال .... أصبح في المحتوى العربي المسموع و المقرؤء و على وسائل التواصل الأجتماعي هناك تغطية كبيرة لمجال الاستثمار الجريء و يغطي أغلب جوانب هذا المجال .

نعود لسؤالنا الرئيسي , كيف تحصل على استثمار ؟

سمعت محاضرة يلقيها مختص و مهتم في مجال الاستثمار في إحدى القاعات في وادي السيلكون بأمريكا و المدعومة من الشركات التقنية لإقامة هذه المناشط و المؤتمرات التوعية و الثقافية حول هذا الأمر , و تسمى بمحاضرات دجني .

يقول المحاضر : هناك 6 أسباب تجعل المستثمر يقوم بالاستثمار معك في مشروعك , منها بطرق مشروعة و منها غير مشروعة

1- قتل المنافسين : أشهر من يقوم بهذا الدور هي شركة مايكروسوفت , بهذه الطريقة استطاعت التربع على عرش صناعة البرمجيات و وصلت قيمتها إلى 1 تلريون دولار , وجدت مايكروسوفت أن دخول لاعبين للسوق لمنافستها يعتبر تهديد لوجودها فعندما تجد شركة بدأت تظهر تقوم بتقديم عرض يسيل له اللعاب كما فعلت مع المئات من الشركات و هي شركة كريمة في صفقات الاستحواذ .

اليوم شركات كثيرة مثل فيسبوك و سناب و أمازون و غيرها تقوم باستحواذات ( يومية ) بملايين الدولارات لأجل قتل المنافسين .

2- الحصول على موظفين أو تقنية متطورة : هنا في حسوب كان هناك شخص تم الإعلان على استحواذ على متجره الإلكتروني , لك أن تتخيل متجر إلكتروني عادي يعرض فيه منتجات موجودة في كل مكان يتم الاستحواذ عليه بقيمة غير معلنة و بشرط أن يعمل المؤسس معهم لمدة معينة و إغلاقه لاحقاً ؟! , لكن الواقع أن الشركة التي استحوذت عليه كانت تريد المؤسس للمتجر أن يعمل ضمن فريق عملها فقط لأنه إنسان محترف و تبحث عن محترفين يساعدونا في خطط الشركة , فصاحبنا هذا فرح بالاستحواذ و لم يدع مكاناً إلا و قد أعلن عن استحواذ الشركة الفلانية على مشروعه ... نفس السيناريو تكرر مع آخرين !

أما في مجال الحصول على التقنية فهو الأشهر حالياً : بينما الشركات الضخمة تقوم من خلال مراكز أبحاثها بتطوير تقنيات تجعلها تنافس في السوق يتفاجئون بأن هناك مبرمجين قاموا بإنشاء تقنيات متطورة تتوافق مع ما يطمحون إليه , لهذا يقومون بعرض استحواذ للحصول على هذه الشركة و لأجل هذه التقنية فقط , و هذا ما حصل مع شركة جوجل حينما استحوذت على شركة waze بمليار دولار الخاصة بالخرائط و هي التقنية التي عجزت جوجل عن الوصول لها بسهولة فقررت شرائها بهذه القيمة و غيرها الكثير .

3- استثمارات التوسع : و هذا ما حصل مع شركة أمازون ( البخيلة ) حينما اشترت موقع سوق دوت كوم , أمازون أرادت التوسع في المنطقة العربية من خلال أكبر لاعب رئيسي في المنطقة للتجارة الإلكترونية صاحب البنية التحتية الجاهزة , فشركة سوق دوت كوم لديها مستودعات و مكاتب و اسطول توصيل و نقاط بيع و غيرها استطاعت الوصول لهذا الشيء بعد سنوات من العمل , شركة مثل أمازون تعلم جيداً أن الدخول في أي سوق يحتاج لقوة تشغيلية متميزة لا تقبل أي خطأ , و اقعياً شركة أمازون تبيع منتجاتها لسكان المنطقة العربية من خلال مستودعاتها و شركائها القريبين , فلماذا تشتري موقع سوق دوت كوم ؟! , الهدف من ذلك هو الحصول على بنية تحتية جاهزة لتنفيذ الطريقة المتبعة لها و هي طريقة متميزة و سر نجاحها الكبير .( فالعمل في التجارة الإلكترونية يحتاج لسرعة عالية لا تقبل التأخير لأن المنافسين يخرجون كل يوم و أفضل طريقة هي الحصول على بنية تحتية جاهزة بدلاً من بنائها من الصفر )

  • طرق غير مشروعة :

4- غسيل الأموال : تبلغ قيمة غسيل الأموال عالمياً أكثر من 1 تلريون دولار سنوياً و لأجل نجاح هذا الأمر لابد من مشاريع تقوم بقفزات سريعة و كبيرة جداً و هذا ما يحصل مع مشاريع الاستثمار الجريء تجد قفزة قوية نحو أرباح مليارية أو خسائر مليارية , يقول هذا المحاضر : صاحب مشروع يطلب مبلغ 50 مليون دولار مقابل حصة في مشروعه , فيقول المستثمر : هذا المبلغ لا يكفي سوف نضخ 100 مليون بنفس الحصة !

5- التهرب الضريبي : بعض الدول تفرض ضريبة بقيمة 50% من الدخل , و هذا الأمر مزعج للكثير من رجال الأعمال و يعتبرونه ظلم و بالتالي يقومون بضخ استثمارات في مثل هذه المشاريع لتحويلها لشكل آخر و بالإمكان تسييلها لاحقاً , و الكثير قرأ عن تبرعات شركات و عائلات فرنسية بقيمة تصل لـ 800 مليون يورو بترميم كنيسة نوتردام لأن القانون الفرنسي يسمح لهم بخصم الضرائب في حال التبرع بها فيكسبون سمعة اجتماعية و سياسية و اقتصادية .

6- أسباب سياسية : في مصر يوجد شركة اسمها برزنتيشن , و هي شركة تسويقية إعلامية في الظاهر , قبل فترة قامت بعملية استحواذات كبيرة للمواقع الإخبارية و القنوات بطريقة ملفتة , الشاب البسيط عندما يرى هذه الاستحواذات لهذه المواقع التي ربما يعرف أنها بسيطة و أصحابها ناس عاديين تجده يتمنى أنه قام بإنشاء موقع إخباري لكي يحصل على استثمار فهو يتبادر في ذهنه أن المواقع الإخبارية عليها اهتمام وطلب من قبل الشركات الاستثمارية , لكن لو فحصت أمر هذه الشركة سوف تجد أنها تتبع الاستخبارات العامة و التي تسعى للتحكم في مصادر الاخبار الشعبية لدى المتلقي في البلد ( تريد توجيه الخبر الصحفي لأسباب هي تراها ) .

و بالنسبة للاستثمار في موقع " موضوع " : و هو عبارة عن موقع لصناعة المحتوى العام , يعتبر أشهر مجال لا يجلب الأرباح فكيف يحصل هذا الموقع على استثمارات بقيمة 13.5 مليون دولار ؟! ( سؤال يطرحه الإنسان البسيط) , هناك أسباب غير معروفة بالنسبة لموقع موضوع و قد تكون من ضمن النقاط الستة التي ذكرناها بالأعلى .

أخيراً , الحصول على الاستثمار لمشروعك يجب أن تراعي رغبة المستثمر حسب نوعه فمنهم من يسعى لغسيل الأموال فتقوم بطمئنته بأن لا تخبر السلطات بحقيقته , و منهم من يريد شراء صوتك الإعلامي و منهم من يريدك أن تعمل معه و لا يريد مشروعك البأس و منهم من يريد الحصول على الحصة السوقية التي أخذتها منه كمنافس مقابل كومة من المال و هكذا , يجب أن تأخذ النقاط الست في الحسبان , فمهما كان مشروعك مربح و مدر للمال فهذا الشيء لا يعني أن المستثمرين سوف يأتون إليك , فلكل مستثمر طريقته و أهدافه !

هذا الشيء لا يفهمه و لا يراه إلا الخبراء , إن ( غير الظاهر ) هو ما ينتج ( الظاهر ) , إن الجذور هي التي تنتج الفاكهة وليست الاشجار !

( أخرج من الطابور ) : الهدف من كلامنا الطويل هذا , بأن لا تقف في الطابور منتظراً أصحاب الجيوب العمقية أن يمروا عليك و يقوموا بالاستثمار في مشروعك , هناك أشياء لا يمكن أن يراها قليل الخبرة فيكون شكلك ساذج و أنت تتحدث مثل الدراويش في أشياء تحلم أن تراها و تعتقد أنها حقيقة و أنت من الأساس لا تعرف كيف تسير المنظومة .

السلام عليكم ...