هذا السؤال يراودني حقيقة الآن، فأنا بالفعل قمت بتجهيز أوراق شركتي، وحجزت اسم النطاق Domain Name وأعمل على تصميم الموقع، وتجهيز ملفاته الاجتماعية.

طريقة البدء الصحيحة هي ما يمثل حيرة حقيقية، فأنا الآن على أعتاب مغامرة جديدة بالنسبة لي، وهذه المغامرة محملة بخبرات أصدقاء مقربين فتحوا شركاتهم ثم أغلقوها بعد فترة وجيزة من الزمن، وعادوا إلى العمل لدى الشركات كموظفين مرة أخرى. هذا بالنسبة لي يعتبر خبرة سيئة للغاية، فهو بالنسبة لي أشبه بالتخلي عن أحد الأبناء، لأنه غير متفوق أو غير وسيم الملامح.

سألت مختلف الخبراء، ومن سبقوني خبرة من أصدقائي، فوضحوا لي طبيعة الطريق. بالطبع تختلف رؤيتهم، واختلف اقتراحهم لي من البدء في شركة حقيقية أو افتراضية (أي من المنزل) .

مثلا من نصحني بإنشاء الشركة قال:

إنشاء شركة يحولك من مجرد فرد مستقل Freelancer يعمل بذاته لذاته، إلى كيان له وضعه وحجمه. فأنت تتحول لحظتها من (عمرو النواوي) إلى (شركة عمرو النواوي).

فحتى لو بقيت تعمل وحدك، فلا أحد يدري أنك تعمل وحدك، ومن ينظر إليك، لا ينظر إليك باعتبارك فرد مستقل، ولكن ككيان معتبر. أيًا كان حجم هذا الكيان، فالعميل لا يراه فعليًا، وإنما يرى الاسم.

وبالتالي أنت كمدير للشركة – أو كفرد فيها على الأقل – يجب أن تتحدث كشركة، وليس كفرد. ويجب أن تضع سياساتك التسعيرية بناءً على هذا الوضع الجديد. يجب أن تطبع أوراق الشركة الرسمية، وبطاقات التعريف Business Cards، ومقر، وموظفين، وإيميل رسمي للشركة، .. الخ.

هذا الوضع من شأنه أن يوفر لك دخلاً ماديًا 3 أضعاف نفس ما تتحصل عليه وأنت تعمل كفرد مستقل، على الأقل. وجميع الهيئات والشركات المتعاملة معك، ستستوعب سريعًا فكرة أنك شركة، وليس مستقلاً، وبالتالي لن يناقشك أحد في سياساتك التسعيرية إلا في نطاق محدود، أنت بالطبع عملت حسابًا له.

هذا رأي من نصحني بالبدء بشركة

أما من نصحني بتأجيل الأمر أو تدريجه فقال:

الشركة بشكلها التقليدي (مقر، موظفين، مصاريف تأسيس، مرتبات، مصروفات نثرية، مصاريف دعايا، ... الخ) يمثل هلكًا حقيقيًا للموارد المادية، وخاصة في البداية. فأنت ستنفق مالا يقل على 5,000$ كمصاريف تأسيس وإنشاء، وستحتاج نحو 2,000$ تقريبًا – تزيد أو تقل – كمصاريف نثرية ومرتبات يجب أن تتوافر لمدة 6 شهور على الأقل (أي 12,000$ في البداية فقط) وهذا كله يمثل عبء نفسي خطير عليك وعلى أفراد الشركة بالتالي في تحقيق دخل يكافيء – على الأقل – هذه المصروفات.

التصرف الأمثل من وجهة نظري – والكلام مازال لصديقي – هو أن تبدأ بالتدريج. أي ألا تصرف قرشًا على شيء لست بحاجة فعلية إليه. بالإضافة إلى أن متطلبات الشركة على هذا النحو قد تتطلب تمويلاً، وهذا التمويل يمثل مخاطرة كبيرة عليك، إن لم يمكن مشروعك مضمونًا بنسبة 100%، فالمستثمر لن يعطيك ماله لأنه يحبك، ولكن لأنه يرى أنك ستوظف هذا المال له في مشروع مربح، وبالتالي إن خسرت – أو أضعت – هذا المال، فأنت في مشكلة حقيقية.

هل أنت بحاجة إلى المقر؟ لا بالطبع .. يمكنك البدء من المنزل، والتعامل مع العملاء عبر الإنترنت.

هل أنت بحاجة إلى موظفين؟ بالطبع .. ولكن من هم؟ وكم عددهم؟ لن تحتاج إلى موظفين إلا الموظف الذي أنت بحاجة إليه لإتمام عمل/مهمة ما. وبالتالي يمكنك الاستعانة بموقع مثل مستقل لتوظيف من تحتاج فقط من الموظفين، لأداء مهام محددة، بمقابل يتم الاتفاق عليه.

في هذه الحالة، أنت تنفق فقط لقاء ما تحتاج، وما سيمثل فائدة مادية حقيقية لك بالمقابل. وفي نفس الوقت، ستوفر العديد من المصاريف النثرية التي لست بحاجة فعلية لها في البداية.

أما الانتقال لمرحلة الشركة، فهو يعني أن تصل لمرحلة معينة من الصفقات المفتوحة التي تتطلب أن يكون لك كيان مستقل – أي شركة بمقر وموظفين – حتى يمكنك إتمام هذا العمل، وتنفيذه على الوجه الأكمل.

في هذه الحالة أنت تتحرك بمبدأ "بطيء ولكن أكيد Slow but Sure" أفضل من مغامرة غير محسوبة العواقب.

انتهى رأي صديقي الآخر.

ماذا عنك أنت؟ ماذا ترى؟ وإلى رأي أيهما تميل؟ أم أن لك رأيًا ثالثًا يمكنني الاستفادة منه؟