يؤكد خبراء الرضا الوظيفي أن اليقظة والاستغراق الكامل في العمل من أعظم مصادر السعادة في مكان العمل.

وأنا عن نفسي اعتقد في صحة هذا الأمر، لأن الاستغراق في العمل يمنحني في كثير من الأحيان إحساسًا كبيرًا بالرضا عن عملي وعن نفسي، كما أنه يمرر الوقت وتمر معه التفاصيل المملة.

وغالبا ما أصل إلى هذا الاستغراق بعدة طرق منها على سبيل المثال: عند قيامي بمهامات عملي أركز تماما مع الإجراء الذي أقوم به في تلك اللحظة، مثلا أرفع أصابعي وأضعها على لوحة المفاتيح، وألاحظ أفكاري وألاحقها وأنتبه لتطورها أثناء الكتابة، وأثناء إجراء المحادثات مع زملاء العمل أو العملاء: انتبه وأركز مع ما يقولون وأتفهم وجهة نظرهم.

وتختلف الطرق التي يمكن من خلالها القيام بذلك، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: هو ان العمل بحذر، والوعي التام بما نفعله في كل لحظة، هو أحد أهم مفاتيح التميز والكفاءة المهنية.

ولكن، هذا الامر لا يتم بمنتهى البساطة هكذا، لأن ما نعيشه خارج العمل له تأثير كبير على ما إذا كنا نستطيع اليقظة والاستغراق في العمل ام لا، إن حياتنا الشخصية أو العائلية والصعوبات الكثيرة التي نواجهها في يومنا، والتي تعكر علينا صفو حياتنا، إنها تفعل نفس الشيء عند قيامنا بوظائفنا.

لقد أخبرني احد الزملاء انه لا يوجد عمل يفصل بين الموظف وبين بقية حياته. وهذا يعني انه إذا كنا نعتقد أنه عندما نذهب إلى العمل، فإن صراعات ومشاكل البيت والعيال التي حدثت صباحًا سوف تختفي، فنحن نخدع أنفسنا لا أكثر.

والحقيقة انا لا أصدقه، أو بمعنى أدق لا أريد ان أصدقه.

لأن اليقظة في العمل تجعل الموظف يفصل من مشاكل هناك ويستغرق في مشاكل هنا، وهذا الأمر يريحه نفسيا وعصبيا لأنه يتوقف عن عصر ذهنه في نوعية محددة من المشكلات الحياتية، ليصبح كمن يقوم بعملية تأمل، يشتت فيها افكاره بعيدًا عن ما يزعجه، وعلى الجانب الاخر يزيد الانتاج الكفء، وتزيد الجودة، ويتحقق الرضا الوظيفي.

اعتقد أنه يمكننا ببساطة الاستغراق الكامل في مشاكل البيت عندما نكون في البيت والاستغراق في مشاكل العمل عندما نكون هناك، بدون إهمال لأي جزء من حياتنا لأن جزءًا واحدًا لن يعوض أوجه القصور في البقية.

وانتم ماذا ترون: هل تستطيعون التركيز واليقظة في العمل 100% ؟ وإذا كان كذلك فكيف لكم أن لا تنقلوا الطاقة السلبية من مكان إلى آخر - من العمل إلى المنزل والعكس، من المنزل إلى العمل ، ومن أي مكان آخر بينهما.