وفق شركة ديلويت فإنّ (60%-70%) من المؤسسات تفشل في التغيير المؤسسي، لعدة أسباب منها: سخرية الموظفين، أو عدم تقبُّل التغيير، وسلوكيات الإدارة ذات النتائج العكسية.

لذلك فإنه من أصعب المشاكل التي تواجهها المؤسسات رفض التغيير من قبل طواقم الشركة ومقاومته، سواء كان ذلك برفض التطوير والتحديث واستخدام تكنولوجيا جديدة، أو رفض التعامل مع شخص جديد دون منحه فرصة وضع تصوره للعمل وفهم آليته بالعمل.

لن ألجأ لقصص إدارية تتحدث عن الأمر، لكنني سأضع حالة عشتها بنفسي وتعرضت لمقاومة كبيرة فيها. حدث ذلك إبان استلامي لمنصب إداري قيادي، حيث تمّ رفض وجودي، فكانت المقاومة في:

  1. رفض بعض زملائي في المديرية العمل تحت إشرافي، حيث قام ثلاثة موظفين بتقديم طلب نقل في أول يوم كنتُ فيه المسؤول عنهم، وبعد ذلك بشهر تقدم اثنين آخرين بطلب النقل.
  2. عدم اتباع البروتوكول الإداري في التعامل وفق السلم الوظيفي.
  3. عدم دعوتي لأية اجتماعات تعقد لفئة الوظائف الإشرافية والقيادية أو إشراكي بأية نقاشات/نشاطات لهذا المستوى الإداري.

كانت الخيارات جميعها تدعوني للتنحي، لكنني قاومت وقررت أن لا أفشل في الاختبار الأول حتى لو تطلب الأمر أن أقوم بكلّ المهام وحدي، وهذا ما حدث فعلاً، مما كان يعني العمل بما لا يقلّ عن 18ساعة متواصلة، خلال أيام الأسبوع كاملة دون يوم راحة.

أيمكننا تخيل ذلك؟ كم سيكون هنالك تعقيد وتأخير في إنجاز المهام حال كان الرفض موجوداً بين الكوادر؟ ماذا عن الخيارات المتاحة؟ 

بالتأكيد في حالة الرفض والمقاومة ستكون الخيارات قليلة، وهذا ما كان، حيث تنازلت عن كثير من الأمور الرئيسية لتشكيل كادر يمكنه المساعدة، قبلتُ انتقال موظفين للمديرية يرفض مسئوليهم استمرارهم بالعمل معهم لضعف أدائهم أو لعدم التزامهم بأوقات العمل الرسمي أو كونهم ممن يفتعلون المشاكل.

هذا الأمر تطلب توفير التدريب لهم، كما حاولت تحفيزهم بكتب شكر أو زيادة مكافأة الانتاجية لهم حال تحسن أدائهم، قمت ببعض الحيل الإدارية التي تغير أجواء العمل وتجعل هنالك إقبال عليه، لا أنكر احتاج الأمر لوقت طويل كان بإمكاني استغلاله لتقديم الأفضل، لكن على الأقل تمّ الاستثمار في الموظف وهو ما يعتبر نوعاً من الإنجاز، إضافة إلى أنّ هذه التجربة قد علمتني:

  1. العمل بالحدّ الأدنى من الكوادر، تحت مفهوم موظف شامل، ودون الاعتماد على التخصصية في إنجاز المهام.
  2. لا يوجد موظف فاشل، لكن يوجد مسئول لم يحاول معرفة نقاط قوة موظفه.
  3. لا يوجد نجاح أو فشل بالمطلق، كلاهما يتذبذب، والناجح من يتعلم من الفشل ويحوّل ما فيه لنقاط قوة، ولا يتوقف عند النجاح ويجعله قاعدة ليستمر.
  4. حتى تعالج المقاومة عليك أن تقاوم.

لكنني وبرغم ذلك، وحتى هذه اللحظة لست أفهم ما الذي يخشاه الموظف ليرفض التغيير دون تجربته؟ لماذا تعالج الأمور لدى البعض بالرفض القاطع وما يُبنى عليه من سلوك، فهل يمكنكم مساعدتي وتفسير أسباب هذه المقاومة ومبرراتها؟