بالأمس كتبتُ مساهمة عن تطوير فرق العمل، وخضت نقاشاً حول أسباب فشل عمل تلك الفرق، أو أسباب تخوّف الرؤساء من تطبيق هذه الاستراتيجية، حيث كان بمجمل الحديث بأنّ الأمر يعتمد على قائد الفريق في أحيان كثيرة كعنصر رئيسي لضمان أداء الفريق لمهامه.

هذا الأمر يقودنا حتماً للحديث عن تطوير المهارات القيادية كاستراتيجية تستخدمها المؤسسات التي تستثمر في الرأس المال البشري لخلق مجموعة من القادة الأكفاء القادرين على قيادة وإدارة وتوجيه فرق العمل لإنجاز المشاريع بالوقت المطلوب وبالشكل الصحيح، مما يؤدي مباشرة لزيادة تنافسية المؤسسة بين المنافسين لها في السوق.

حيث أنّ استراتجية تطوير المهارات القيادية تأتي ضمن استراتجية تدريب وتنمية الموارد البشرية والتي تعتبر جزءاً من استراتجية المؤسسة، ولذلك الأجدر في كلّ مؤسسة تسعى للاستثمار في الرأس المالي البشري تضمين خطتها للمورد البشري بتحديد عدد القادة، ومستوى الجودة والجدارة المطلوب توفيرها، دون تجاهل المستوى المعرفي والمشاركة في صنع القرار وتمكين القيادات.

تطوير المهارات القيادية يكون إما بتعيين قياديين في وظائف رئيسية قيادية، أو العمل على ذلك من خلال تأهيل الصفّ الثاني (تحديداً) في المؤسسة لإشغال تلك الوظائف، بالترقية والترفيع في ظلّ وجود الخبرة والعلم والمسمى الوظيفي الذي يؤهل الموظف للعمل في وظيفة قيادية، مما يقلّل من التكاليف المترتبة على التدريب. 

حتى أنّ بعض المؤسسات سعت إلى إشراك الموظفين المتوقع إشغالهم لوظائف قيادية في المشاركة في اتخاذ القرارات كأداة لتنمية المورد البشري، بل إنها كلّفت أعضاء مجالس الإدارة والمدراء بالقيام بمهام تدريب وتطوير الصفّ الإداري التالي لتأهيله بالإحلال والتعاقب لاستلام الوظيفة الإدارية العليا.

التطوير والتدريب لخلق قيادات جديدة فكرة سامية في الظاهر، خاصة إن رافق ذلك امتلاك من يتم تأهيله للخبرة، لكنني هنا سأدخل للموضوع من مدخل مختلف تماماً عن ما تعارفته الإدارة والعلم الحديث في تطوير المهارات القيادية، ربما لأنني أثق أننا جميعاً نعلم بأنّ القيادة سمة وصفة أكثر منها تدريب؟ وقد واجهت في مسار حياتي الوظيفية موظفين من الفئة التشغيلية قادرون على إدارة الفريق بطريقة أنجح وأسرع من طريقة إدارة مدراء تنفيذيين ذوي باعٍ طويل في مجال القيادة، ويحول التسلسل الهرمي المطبّق في المؤسسة دون تسلّم هذه الفئة لوظيفة قيادية، ودون قيامهم بإدارة مشروع كامل.

لذلك، لو كنتَ رئيساً تنفيذياً في مؤسسة تطبّق استراتيجية تطوير المهارات القيادية المبنية على تأهيل الصفّ التالي، هل ستتخذ قراراً بتمكين مَن يمتلك الخبرة وصفات القائد من تسلّم أحد المشاريع رغم أنه وظيفياً يقع في درجة أدنى من درجة الصفّ التالي؟ ولماذا؟ في حال كنتَ مع أو ضدّ ذلك.