ولد "سوشيرو" في أسرة يابانية فقيرة، حيث كان والده يعمل حداداً، بالإضافة لقيامه بإصلاح الدراجات الهوائية وبعض من الآلات الأخرى، حيث كبر "سوشيرو" ووجد نفسه مهتماً جداً بالآلات والأجهزة والماكينات، فيما بعد زاد هوسه بمحركات السيارات، فعمل في إحدى الورش مما مهّد له التعرف على أنواع محركات السيارات المختلفة، ليقوم بفتح مشروع صغير لإصلاح السيارات.

لاحظ "سوشيرو"وجود عيوب في بعض المحركات، وحين كان يحاول إصلاح تلك العيوب يكتشف ثغرات أخرى، مما جعله يقرر القيام بخطة جريئة تعتمد على تطوير المحرك، وكان أول إنجاز يقوم به هو تطوير غرفة الاحتراق داخل المحرك.

على الرغم من كلّ محاولات "سوشيرو" بالتسويق لمنتجه إلا أنّ محاولاته كانت غالباً ما تبوء بالفشل، حتى تمكن في نهاية الثلاثينيات من بيع منتجه لشركة تويوتا اليابانية، التي قدمت له مبلغاً مالياً لغايات تأسيس مصنع يعمل على توريد المنتج لها، مما كان حافزاً له للاستمرار إلا أنه لم يستكمل مشروعه بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.

خلال فترة اندلاع الحرب العالمية الثانية وبعد انتهائها بقليل تمكن "سوشيرو" من تطوير مهاراته واكتشاف الثغرات المتتالية في محركات السيارات، لكن حال دون أن يقوم ببناء مشروعه حجم الكساد الذي تعانيه اليابان، ليبدأ بالتفكير بتغيير المنتج واستبداله بمحرك للدراجات البخارية تمتاز باستخدام وقود منخفض الثمن.

مع بداية الخمسينيات استطاع "سوشيرو" من إغراق السوق الياباني بمحرك الدراجات البخارية، حيث عمل على تطوير المحرك ليحصد نسبة إنتاج تجاوزت 70% من إجمالي انتاج الدراجات في اليابان، مما مكّنه من تصدير منتجه خارج اليابان. 

هذا الرجل الذي جاء من عائلة فقيرة، صار يملك أعظم شركات السيارات العالمية، إنه "سوشيرو هوندا" مالك وصاحب ومؤسس شركة هوندا اليابانية، الذي دون أن يعلم استخدم استراتيجية تغيير المنتج/الخدمة من خلال التعديل في الخصائص والهيئة والمواصفات لإخراج منتج جديد بمواصفات أقوى، ودون أن يعلم أيضاً استخدم استراتيجية تطوير المنتج/الخدمة والذي يعني أن المنتج رائج في السوق إلا أن مشاكله قد تنهي دورة حياة المنتج، فيتم تلافي سلبيات المنتج بإضافة ميزات إضافية. 

باعتقادكم، أيّ الاستراتيجيتين -على صعوبتهما- ستكون أفضل أو ذات تكلفة أقل؟ استراتيجية تغيير (المنتج/الخدمة) بمنتج جديد؟ أم استراتيجية تطوير (المنتج/الخدمة) بإضافة ميزات له ومحاولة معالجة السلبيات؟