على الرغم من أننا قد لا نختلف بأن الربح هو الهدف الذي تسعى إليه المؤسسات الربحية، إلا أنّ غالبية روّاد الأعمال في الوقت الراهن باتوا يعلمون بأنّ الرّبح ليس إلا جزءً من الأهداف التي يسعون إليها، وبأنّ رواج مؤسساتهم واستمرارية عملها يرتكز على تفاعل المؤسسة مع المجتمع الخارجي من منطلق المساهمة الأخلاقية تجاه المجتمع والبيئة كهدف ينبغي أن يوضع بالاعتبار.

في أغلب المقالات والدراسات الحديثة تمت الإشارة إلى أنّ بعض رواد الأعمال قد بدأوا أعمالهم بمشروع مجتمعي كنوع من المسؤولية المجتمعية، مما يعود على أعمالهم بالنمو والنجاح في المراحل الأولى من المشروع، لماذا؟

قبل أن نجيب على لماذا هذه، دعونا نتوقف قليلاً عند إحدى الشركات، كبداية لموضوع نقاشنا اليوم:

شركة تومز للأحذية من الشركات التي بدأت مشروعها بهدف خدمة المجتمع وتوفير أحذية مجانية للأطفال، تحت شعار (مقابل كلّ زوج حذاء يباع سيتم التبرع بآخر)، لتبدأ مشروعها بـ160زوج أحذية، ويكون عدد الطلبيات في يوم افتتاحها بحدود 2200طلبية!! وأحد أسباب ذلك كان إعلانها عن هدفها المجتمعي.

ووفق المسح الميداني الذي قامت به شركة  BAYT.comعلى 13بلدًا تبين بأنّ ثلثيّ العينات يشاركون في خدمة المجتمع، وأن نحو 90%من المستهلكين يفضلون شراء منتجات وخدمات الشركات التي تتبنى مفهوم المسؤولية الاجتماعية.

ربما بات جليّاً بأنّ مؤسسات ريادة الأعمال تلعب دورًا مهماً في خدمة المجتمع، وتحسينه، بدءً من توفير فرص عمل، مروراً بتحريك عجلة الاقتصاد، وفي المقابل فإنّ خدمة المجتمع تنعكس إيجاباً على أهداف المؤسسات ورؤيتها، من علم أصحاب تلك المؤسسات -كما قلنا سابقاً- بأنّ تقييم المؤسسات لم يعد يعتمد على أرباحها فقط، بل على معايير أخرى منها خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع مفهوم المسؤولية الاجتماعية كون تلك المؤسسات غير معزولة عن المجتمع.

والآن، دعني أسألك، لو كنتَ في السوق، ورغبت بشراء سلعة ما، ومررت بجانب محلّين يبيعان نفس السلعة التي تريدها، أحدهما وضع يافطة تقول (مقابل كلّ قطعة تباع، سيتم التبرع بقطعة للمحتاجين)، والمحل الثاني من المحلات التي اعتدت على ارتيادها، فمن أيّ محلٍ ستشتري بصدق؟، وإن كان خيارك المحل ذو اليافطة، فهل يمكننا القول بأنّ المسؤولية المجتمعية قد تكون أحد طرق إنجاح المشروع والتوسع في الأسواق؟؟

على صعيد آخر، هل يمكننا اعتبار المسؤولية المجتمعية التي تقدمها المؤسسات بمثابة طريقة استقصائية لخدمة تلك المؤسسات في جمع المعلومات حول نوعية الخدمات/المنتجات التي يمكن تقديمها، والتحسينات الممكنة في ظل الملاحظات التي يتم جمعها؟

أسئلة راودتني وأنا أكتب مساهمتي، فللأمر وجهان، منفعة اعتبارية للمؤسسة، ومنفعة خدمية للمجتمع.. هكذا رأيت الأمر، ولكن مع رأيكم قد يكون هنالك وقائع أخرى.