في التسعينيات قامت مجموعة بسرقة 13عملاً فنياً من متحف إيزابيلا ستيوارت جاردنر في بوسطن، حيث تمّ تقدير قيمة المسروقات بحدود 500مليون دولار، وتقديم مكافأة قدرها 10ملايين دولار مقابل تقديم أية معلومات.

تمّ اتخاذ الإجراءات الاعتيادية من قبل مكتب التحقيقات الفيدراليFBI كالتقصّي والبحث والاستجوابات والاعتماد على المخبرين السريين لكن دون جدوى حيث لم يترك اللصوص خلفهم أيّة دلائل قد تؤدي للقبض عليهم.

ماذا إن عرفنا:

  1. قبل عملية السطو على المتحف تمّ تقديم العديد من المقترحات لضمان حماية المحتويات فيه، قوبلت جميعها بالرفض نظراً لحاجة تلك الاقتراحات لتكاليف باهظة.
  2. تمّ وضع مكافأة بقيمة 10ملايين دولار لمن يقوم بتقديم أية معلومات حول عملية السطو، حيث تعتبر أعلى مكافأة تمّ وضعها لهذه الغاية.
  3. نتيجة زيادة عدد المنظمات الإجرامية المنظّمة تمّ استخدام وسائل أكثر تكلفة بدءاً من توظيف أولي الأسبقيات الذين يتمتعون بالمهارات الإجرامية للحالات التي استعصت على FBI، وتقديم تنازلات ومغريات مقابل التعاون لتحليل الموقف الحاصل والتفكير بطريقة المجرم وتوّقع الخطوة التالية له، وتخصيص مبالغ عالية لامتلاك التكنولوجيا.

هذه القضية وأمثالها عكست حجم التنظيم للمجرمين والقدرة على تمويل عملياتهم الإجرامية لاكتساب المهارات القادرة على إخفاء آثارهم مما جعلهم يسبقون الجهات التي تمت سرقتها بخطوات شاسعة، كما قدمت درساً تعلّمه المجتمع السياسي الأمريكي الذي رفض بداية الأمر دفع أية تكاليف إضافية، والالتزام بالمعايير التقليدية، درس دفعت الدولة بسببه ملايين الدولارات، وفقدت إرثاً فنياً مهماً، كما تمّ زعزعة ثقة المواطن الأمريكي بدولته وحكومته –في حينه-.

في الحالة التي وضعتها أعلاه، لو فكّر أولو الاختصاص مسبقاً بطريقة المجرم لاتخذوا الاحتياطات اللازمة وأغلقوا نقاط الضعف المحتملة لأيّ عملية إجرامية ممكنة، ولكان أثر أية العمليات الإجرامية المستقبلية المتوقعة أخفّ وطأة وأقل ضرراً.

هذا الأمر لا يختلف أبداً عن طريقتنا في إدارة مشاريعنا، فكما أمن الدولة خطّ أحمر لا يقع تحت ظلّ سياسات التقشف وتخفيض النفقات، فحماية مشاريعنا الصغيرة وتأمين ضروريات نجاح المرحلة الأولى منها خطّ أحمر لا يقع تحت ظلّ عبارة (ما هو الخيار الأقل تكلفة؟).

فهل أنتم معي في أنّ دفع أية تكاليف –مهما بدت باهظة- في بداية أيّ مشروع لضمان استمراره ونجاحه ستكون أداة أمان للمشروع؟ وبأنّ بناء الأمر من بدايته أسهل وأوفر من إعادة ترميمه وتحسينه؟.

لماذا لا نفكر وكأن مشروعنا الخاص كالثروة الوطنية التي قد تتعرض للسرقة، أو للتخريب، أو للمنافسة، لماذا لا نفكّر بطريقة المجرم -الطرف الآخر الذي قد يعمل على إفشال مشروعنا-، ونحتاط للأمر؟؟ لماذا لا نبدأ مشروعنا بالخيار الأمثل والأفضل وليس بالخيار الأقل تكلفة؟