لا يتبادر لأذهاننا حين نقول استثمار تشجعه مؤسسة حكومية في دول العالم الثالث إلا شكوى متلقي الخدمة حول تعقيد الإجراءات، والتشريعات البالية التي لا تواكب التطور، رغم أنّ الأصل في الموضوع هو التسهيل على المستثمر، وتذييل كافة التعقيدات الذي يحقق العديد من المزايا لتحريك عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وتشغيل كافة القطاعات.

اخترت لحديثي معكم اليوم مؤسسة خدماتية مكونة من 3000موظف تقريباً، كان لها تشريعاتها الخاصة حتى تمّ اتخاذ قرار حكوميّ بضمّها لمظلة المؤسسات الحكومية وفق تشريعات الحكومة، هذا القرار أثّر على المؤسسة في:

  1. حرمانها من أخذ قراراتها بحرية، وربط رؤيتها واستراتيجية عملها بعمل الحكومة، وبحيث يتم أخذ موافقة الحكومة على أية قرارات يتم اتخاذها.
  2. يجب عليها في أيّ قرار مربوط بعمل وزارة أخرى -وفق التشريع الحكومي- بإجراء مخاطباتها بخصوصه وتشكيل لجان فنية قبل الخروج بتوصية تتفق عليها جميع الوزارات وترفع فيها للحكومة للموافقة عليها.
  3. حجب العديد من المزايا المشجعّة للاستثمار وربط تلك المزايا بما ينطلق من الحكومة من قرارات تحفيزية شاملة.
  4. حرمان كوادر المؤسسة من الحصول على أي امتياز وظيفي كالبرامج التدريبية المتخصصة في ظلّ اعتماد الإجراءات الحكومية على سلسلة قرارات للموظف منها برامج تدريبية محددة من قبل جهة موّحدة، وحرمانهم من أي امتياز مادي يأتي نتيجة أيّ عمل إبداعي أو ابتكاري في ظلّ تحديد سلم لذلك.

بناء على ذلك وعلى مدار سبع سنوات من ضمّ تلك المؤسسة للحكومة نتج:

  1. ترهل إداري وتأخير في إنجاز الأعمال المطلوبة.
  2. بيروقراطية اتخاذ القرارات، والسلسلة الطويلة المطلوبة قبل اتخاذ القرار النهائي.
  3. تأخر إنجاز المشاريع الاستثمارية الأمر الذي أدى إلى اختيار المستثمرين لبيئة ومكان استثماري آخر.
  4. ترك الموظفين ذوي وظائف الندرة العمل، للعمل في القطاع الخاص وغالباً خارج البلاد.

سبع سنوات من التأخير ألم تكن مؤشراً كافياً للحكومة أن تتراجع عن قرارها؟ تلك المشاريع المتعثرة أو التي توقفت ألم تكن كافية لتكون ضوءاً أحمر للتوقف؟ تراجع الأداء المؤسسي وما رافقه من تراجع أداء الكوادر ألم يكن سبباً لإعادة دراسة القرار الحكومي؟

هل نتفق في أنّ مثل هذه الحالة تتم في مؤسسات يجري بها ما هو أكثر من ذلك، فما هو سبب ضعف الأداء الحكومي؟ هل تقتصر الريادة على القطاع الخاص فقط؟ ألا يمكن لمؤسسات الدولة أن تتبنى الفكر الريادي وتعمل على تطويره وتحسينه؟ هل متخذ القرار أعمى أم لا يمتلك مهارات تحديد المشكلة ومعالجتها؟