يمثل اعتماد أسلوب الموضة السريعة أحد أكثر الخيارات فعالية لبناء الثروة في عالم الأزياء، هناك عدد من الشركات التي تمكنت من استغلال هذا الأسلوب بشكل مثالي لبناء امبراطورياتها في عالم الموضة، أحد أهم تلك الشركات على الاطلاق هي شركة H&M  السويدية، كيف ظهرت هذه الشركة؟ ومن يقف خلفها؟

يقف خلف تأسيس H&M  رجل الأعمال السويدي ايرلينغ بيرسون القادم من بلدة صغيرة شمال غرب ستوكهولم. بداية بيرسون كانت متواضعة حيث عمل لعدة سنوات كبائع في أحد المتاجر في قريته الصغيرة، قبل أن تتاح له فرصة السفر للولايات المتحدة الأمريكية أين اكتشف عالما آخر مثير.

خلال زيارته إلى الولايات المتحدة ذهل بيرسون من تطور مجال الأزياء هناك، قطع ملابس جميلة بجودة عالية، متاجر عملاقة لاستعراضها بطريقة جذابة، عمل تنظيمي عالي. ومن هنا جاءته فكرة دخول عالم الأزياء، وبمجرد عودته إلى السويد خطى أولى خطواته لتحقيق الحلم بإنشاء في بلدته أول متجر لبيع الملابس النسائية منخفضة الأسعار، أطلق عليه اسم "Hennes" والذي يعني "هي" باللغة المحلية للبلد.

حصلت ملابس Hennes على شعبية كبيرة وتوسعت أعمالها خلال الخمسينيات والستينيات لتصل إلى خارج السويد.

سنة 1968 اشترى بيرسون سلسلة متاجر ملابس الصيد الشهيرة Mauritz Widforss، ثم قام بدمجها مع شركته الأم Hennes كإعلان لدخوله عالم الملابس الرجالية، ولإضفاء شرعية أكبر على هذا الدخول قام بالجمع بين إسمي الشركتين، ليصبح كما هو معروف به اليوم H&M (Hennes&Mauritz).

لم تتوقف شركة H&M عن التوسع منذ تأسيسها سنة 1947 إلى غاية اليوم، وكنتيجة لهذه الإستراتجية فإن الشركة تسجل حضورا في 50 دولة حول العالم من خلال 4743 متجر. وتملك إلى جانب علامتها الأساسية H&M  عدة علامات أخرى على غرار COS، Monki، Weekday، Cheap Monday.

سياسة مجموعة H&M في النمو لا تتجسد في توسعها عبر الأسواق الخارجية فقط، بل أيضا من خلال تنويع منتجاتها، فالشركة التي بدأت بصنع ملابس النساء فقط لم تبقى محصورة في هذا الصنف، بل انتقلت إلى تصنيع ملابس الرجال، الأطفال، المراهقين، الشباب، ملابس الحفلات، ملابس البيت، مستحضرات التجميل.

بعيدا عن جودة ملابسها، تعرف H&M بقوة سياستها التسويقية، حيث توظف للإعلان عن منتجاتها جميع القنوات المتاحة، من وسائل إعلام تقليدية إلى ألواح الإعلان الكبيرة في الشوارع إلى الإعلان الرقمي مؤخرا، وتستعين في جميع حملاتها الإعلانية بممثلين أو فنانين أو عارضي أزياء معروفين للحصول على الاهتمام الإعلامي.

طوال سنواتها ال74 تعرضت H&M إلى مجموعة من الفضائح القوية، لكنها استطاعت الخروج منها بذكاء، أكثر فضائحها صدى كان استعانتها بعارض أزياء أمريكي من أصول افريقية لعرض قميص يحمل عبارة " أروع قرد في الغابة"، فضيحتها الثانية أيضا كانت عنصرية، لكن هذه المرة ضد السكان الأصليين للولايات المتحدة الامريكية حيث طرحت للبيع قبعة بريش مستوحاة من ثقافتهم، ما أُعتبر إساءة لثقافة السكان الأصليين للولايات المتحدة. وكرد فعل عن الغضب الذي خلفه الحادثين قامت H&M بسحب جميع منتجاتها محل الجدل وقدمت اعتذارا صادقا عما بدر منها. لكن لم يتوقف الجدل هنا، ووقعت H&M محل جدل مرة أخرى، حيث تم اتهامها هذه المرة باستغلال العمال الذي يعملون في مصانعها الموجودة في الدول النامية مثل بانغلاديش، وهو ما رفضته الشركة كليا معتبرة أنهم يعملون لصالح موردين تتعامل معهم الشركة وليس لصالح الشركة الأم، وللتأكيد على حرصها على توفير أحسن الظروف لعمالها تتيح الشركة لأي شخص فرصة الاطلاع على ظروف العمل في مصانعها عبر موقعها الرسمي على شبكة الانترنت.

ولتحسين صورتها العامة تبنت H&M سياسة داعمة للبيئة منذ 2013، تقتضي استرجاع جميع محلاتها حول العالم للملابس القديمة التابعة لها والتي لم يعد العملاء يريدونها، مقابل تخفيض يصل إلى 15% على أي عمليات شراء جديدة، ثم يقرر الموظفون إذا ماكنت الملابس القديمة ستحول إلى منتجات أخرى أو توجه للتبرع.

كيف يمكن للشركات أن تتعامل بطريقة صحيحة مع الفضائح غير المتوقعة؟

هل تتذكر قصة حقيقية لشركة وقعت في فضيحة؟ وكيف تعاملت مع الموقف؟