نقضي الكثير من وقتنا في أمكان العمل، ولهذا السبب تحديدا يفترض أن تكون هذه الأماكن آمنة ومريحة لنا، لكنّها في الحقيقة ليست كذلك بسبب التحرش. حيث أنّه ومع الأسف فإنّ التحرش في مكان العمل أمر شائع للغاية، وتأكيدا لهذا تقول إحدى نتائج دراسات TUC أنّ أغلب النساء (52٪) قد تعرضن لسلوك غير لائق في العمل، مثل اللمس و المضايقة الجنسية و تلقي النكات غير اللائقة، ولكنّ الجزء الأكثر أسفا وإثارة للقلق في قضية التحرش هوأنّ أغلب الأشخاص الذين يتعرضون له لا يكشفون عنه، تقول الاحصائيات أنّ 4 من أصل 5 أشخاص يتعرضون للمضايقات لا يبلغون عن ذلك. وهو رقم كبير جدا.

نتذكر جميعا حركة #metoo التي جاءت قبل سنوات قليلة مثل النعمة لمساعدة النساء اللاتي تعرضن للتحرش على كشف المعتدين، وما شجع على إطلاق هذه الحملة كان سقوط منتج هوليود الشهير هارفي وينشتاين بعد أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا مطولا عن عقود من التحرش والاعتداءات الجنسية التي كان يمارسها ضد من عمل معهم في هوليود. 

ومع أنّ كلمة تحرش مرتبطة بشكل مباشر في أذهان الغالبية منا بالتحرش الجنسي إلاّ أنّها أوسع من ذلك بكثير والتحرش الجنسي ليس سوى شكل من أشكالها. تُعرِّف لجنة تكافؤ فرص العمل (EEOC) التحرش على أنه سلوك لفظي أو جسدي غير مرغوب فيه يقوم على العرق، واللون، والدين، والجنس، والجنسية، والعمر (40 أو أكثر)، والإعاقة الجسدية أو العقلية، أو المعلومات الجينية، وقد يشمل سلوك التحرش النكات المسيئة، الافتراءات، الشتائم، الاعتداءات الجسدية، المضايقة التمييزية، المضايقات النفسية، التنمر، التهديدات، التخويف، السخرية، الشتائم، نشر الصور المسيئة، وغير ذلك من السلوكات المضايقة. 

وحتى أجعل الصورة أقرب، فإنّ تكليف المدير لك بمهام غير مهامك الأساسية هو تحرش، وطلبه الخروج معك في موعد مقابل منحك ترقية هو تحرش، واستهدافك بعبارات التقليل لأنك من خلفية اجتماعية أقل أو من ثقافة مختلفة هو تحرش.

 مثل هذه التصرفات يمكن أن تصدر من مدير العمل، مشرف القسم، زميل في العمل أو حتى شخص من خارج الشركة مثل الزبائن.

وهناك شيء مهم جدا يغلفه الكثيرون وهو أنّ الرجال أيضا يتعرضون للتحرش وليس النساء فقط من يتعرضون له. ولو أنه بمستويات أقل من الذي تتعرض له النساء، لكنهم لا يعون ذلك بسبب سوء فهمهم لمفهوم التحرش في الأساس.

بعد استشعارها سوء الوضع قامت العديد من الدول بسن تشريعات جديدة لحماية العمال من التحرش كما وسعت قوانين التقادم الخاصة بها لتقديم الشكاوي التي تخص هذا النوع من القضايا، فيما قيدت دول أخرى استخدام اتفاقيات عدم الإفصاح.

الشركات بدورها كان لها موقف، حيث قامت بعدد من الإجراءات، من بينها وضع قوانين داخلية خاصة لمنع التحرش، وهذا لم يكن الإجراء الوحيد بالطبع. في أماكن العمل التي أعرفها لا توجد مثل هذه القوانين والإجراءات مع الأسف، ماذا عنكم؟ 

وفي الحقيقة مثل هذه التحرشات لا تحظى بالتقصير في منطقتنا من الجانب القانوني والاجرائي فقط، بل حتى الحديث عنها صعب أو شبه مستحيل.

في رأيكم ما هي الطريقة الصحيحة التي يجب على ضحايا التحرش في العمل التصرف بها بعد تعرضهم لتجربة مماثلة؟ 

غير وضع قوانين داخلية، ماذا يمكن للشركات أن تفعله حتى توقف التحرش في مقراتها؟