تظهر مشكلة التمويل كأكبر عائق أمام أصحاب الأفكار الاستثمارية لتجسيد مشاريعهم، لكنّ الحال لم يكن كذلك بالنسبة لمؤسسيي شركة Air Bnb، حيث لم يضعا عائق المال كحجة وأطلقا مشروعا يتماشى مع ميزانيتهما المحدودة. ما هو هذا المشروع؟ وكيف نجح مشروع رأس ماله 300 دولار في بناء شركة تقدر قيمتها اليوم بحوالي 38 مليار دولار؟ فيما يلي سنعرف.

سنة 2007، انتقل الصديقان بريان تشيسكي وجو ديبيا للسكن معا في منزل مشترك في سان فرانسيسكو، لكن بعد فترة قصيرة قرر صاحب المنزل رفع الايجار، ولسوء الحظ لم يكن الشابان يمتلكان المال الكافي لدفع الإيجار، وحتى خيار الانتقال لمكان آخر كان مستبعدا لارتفاع أسعار الإيجار في المنطقة وعدم وجود أماكن سكن شاغرة بسبب تحضير المدينة لاحتضان مؤتمر ضخم.

السبب الأخير بالذات كان مصدر إلهام تشيسكي وديبيا لإطلاق مشروعهما، فبعد ملاحظة انتهاء جميع حجوزات الفنادق والشقق في المدينة قررا تحويل سكنهما إلى مكان إيواء للقادمين من خارج المدينة للمشاركة في المؤتمر.

لتنفيذ الفكرة اشترى تشيسكي وديبيا مجموعة من الفرش الهوائية ووضعاها في جزء من البيت، وإلى جانب خدمة النوم قرر الشابان عرض خدمة إضافية على زبائنهم تتمثل في تقديم إفطار، وبالتالي فإن أول عرض للشركة كان توفير فراش هوائي وإفطار بسيط مقابل 80 دولار فقط. تمكن أول عرض من ديبيا وتشيسكي من تحقيق ربح 500 دولار، وهكذا انتهت مشكلة ايجارهما.

بعد التجربة الأولى بدت الفكرة وكأنها فكرة عظيمة لشركة ناشئة فأسس الشابان موقعا لعرض خدمتهم، ومن أجل تأسيس هذا الموقع انظم لهما شريك ثالث هو ناثان. لم يحقق الموقع الإقبال الذي كان متوقعا، فقرر الشركاء القيام بدراسة تحليلية للموقع، وهنا وجدوا أن هناك حركة جيدة في موقعهم لكن عدد الحجوزات كان قليلا، وبعد البحث عن السبب اتضح أنّ عدول الزوار عن الحجز بعد زيارة الموقع هو بسبب رداءة الصور الملتقطة من قبل أصحاب البيوت المعروضة للإيجار، وهكذا قرر الشباب التوجه إلى جميع المنازل المعنية بتقديم خدمة المبيت والتقاط صور احترافية لإضافتها للموقع. وبعد عام واحد فقط من تعديل الصور تمكنت Air Bnb  من تسجيل مليون حجز كامل. 

في وقت لاحق نجحت الشركة الناشئة في الحصول على الدعم من أهم مسرعة مشاريع في سيليكون فالي، ومع ذكاء واجتهاد مؤسسيها أصبحت  Air Bnb أكبر شركة حجوزات في العالم، مع تسجيلها التواجد في أكثر من 192دولة حول العالم.

وإن كنت تعتقد بأن Air Bnb أصبحت كما هي عليه وحافظت على تواجدها كأكبر شركة في مجالها منذ تأسيسها إلى غاية اليوم بسب عدم مواجهة المشاكل فأنت مخطئ، لأنّ الشركة قد مرت بمشاكل كبيرة، بداية من تضييق حكومات الدول التي تنشط داخلها وإزعاج أصحاب الفنادق، إلى مشاكل تخريب البيوت المستأجرة من قبل المؤجرين، إلى أزمة كورونا الأخيرة التي شلت حركة الرحلات والحجوزات، لكن مرونة تفكير مؤسسي الشركة وابداعهم في ايجاد الحلول هو ما يبقيهم أقوياء.

بالنظر إلى قصة شركة Air Bnb فإنّ مهارة حل المشكلات التي يتمتع بها ديبيا وتشيسكي هو ما جعلها شركة بهذه الحجم، ما لا يترك مجالا للشك حول أهمية هذه المهارة بالنسبة لرواد الأعمال ومن يودون دخول المجال. 

في رأيكم هل حل المشكلات موهبة فطرية أو مهارة مكتسبة؟ وإذا كانت مكتسبة فكيف يتم تطويرها؟