يُقال أنه في إحدى الإنتخابات في مدينة أمريكية، وبعد نجاح أحد المرشحين وتوجه لاستلام منصبه الجديد، قال له أحد زملائه "أنت لست هنا بسبب مهاراتك الشخصية، أنت هنا بسبب نجاح فريق العلاقات العامة الخاص بك!"

التسويق والدعاية والعلاقات العامة، جميعهم قائمون على شيء واحد، التلاعب بعقلك بغرض إقناعنا بشيء ما، لا يشترط أن يكون منتج، ربما يكون فكرة، أو ترك انطباع معين، أو دفعنا إلى فعل شيء ما، وعلى المستوى الشخصي لطالما كنت منبهرا بتأثير هذه الأمور على الناس، الأمر الذي دفعني لدراستها وممارستها بشكل عملي حتى أصبحت مسؤول العلاقات العامة في الأنشطة الطلابية في الجامعة.

وقد كانت مهمتي باختصار تتلخص في الإقناع، إقناع الطلاب بالإنضمام للأنشطة الطلابية، إقناع ادارة الجامعة بالموافقة على مقترحاتنا، إقناع المتبرعين بتمويل هذه الأنشطة، وهو الأمر الذي كنت أجيده ببراعة بفضل الله، لكن الشخص الذي كان يجيده أفضل مني بكثير هو إليزابيث هولمز، المليارديرة المحتالة الأصغر في العالم!

تمكنت إليزابيث هولمز بالإعتماد على أحد أقوى فرق التسويق والعلاقات العامة في أمريكا من إقناع المستثمرين بأنها تمكنت من التوصل لإختراع القرن الواحد والعشرين، وهو جهاز سيلغي وظيفة الطبيب تماما، وتمكنت من ترك انطباع لدى زعماء وادي السيليكون بأنها ستيف جوبز القادم، فقد كانت تتحدث مثله وترتدي مثله، ولأننا في عالم تحكمه السطحية والمظاهر فقد انتشرت قصتها بسرعة، وظهرت على أغلفة أرقى المجلات وفي البرامج التلفزيونية، وكلما واجهها احد المتخصصين بأن جهاز كهذا ليس موجودا أصلا كانت تردد الشعارات المؤثرة التي نعرفها جميعا بأن هؤلاء الناس أعداء النجاح!!

جمعت إليزابيث هولمز في سنوات قليلة حوالي ١٠ مليار دولار من أباطرة المال والأعمال في وادي السيليكون، وهم بالمناسبة ليسوا أغبياء، ولكن الجميع يمكن خداعه، حتى خبراء العلاقات العامة، فقت إذا وجدت الطريقة المناسبة.

انتهت قصة هولمز عندما قرر أحد الصحفيين التحقيق في هذه الشركة المريبة، وقدم ما توصل إليه الى الجهات القضائية المعنية والتي اتهمت هولمز فيما بعد بالإحتيال، وهي الآن تنفذ حكما بالسجن ١٠ سنوات بتهمة الإحتيال.

في رأيكم العلاقات العامة وكيفية إدارتها هي المسئول الخفي لنجاح أي مؤسسة، وهل يمكن ضمان النجاح من خلال استخدام هذه الوسائل بغض النظر عن المنتج نفسه؟