تحدّثنا في مساهمة سابقة عن الموظف الأخطبوط، وهو ذلك الذي يُنجز في أكثر من مجال في نفس المؤسسة أو مكان العمل.

وسواءً اختلفنا أو اتّفقنا مع الألقاب التي تصف كادر العمل الوظيفي، إلا أن الموظف الحرباء هو جزء حيوي وفعّال في كل مؤسسة مهنية، وتُولي إدارة الموارد البشرية اهتمامًا كبيرًا به.

لماذا الحرباء؟

ببساطة، الموظف الحرباء هو من لديه القدرة على الانسجام في أي بيئة عمل تحتمل التغيير. فهو شخصية قابلة للتلوّن باستمرار في العمل، ويفعل دائمًا أصعب شيء وهو التأقلم مع البيئة التي يعمل بها.

ونجد أن الموظف الحرباء بارع في ملاحظة الفرص عن بعد واقتناصها من خلال العمل في كل البيئات تقريبًا! فهو الشخصية متعددة الجوانب، كل جانب يُلائم مكانًا في العمل، ما يجعله صفقة رابحة لأي مؤسسة أو شركة!

وعلى الرغم من أن هذه الصفات تبدو إيجابية إلى حدٍ كبير، لكن لا يُوجد شيء في العالم يحتمل الإيجابية المطلقة، فكل إيجابية لها نظيرها من السلبيات!

فالموظف الحرباء بارع في العمل في المواقف التي يُجيد بها التلوّن، أو بمعنى واضح أكثر، يُنجز في المجالات التي يُجيدها. لكن وبما أنه أمر حيوي لإدارة الموارد البشرية، فقد تُوكل إليه مهام لا يُجيد التلوّن معها، وهنا تبرز السلبيات.

أبرز هذه السلبيات أن عدم قدرته على التلوّن ينعكس على إنجازه وإنتاجيته بشكلٍ واضح، ويظهر في هذه المواقف قليل الحيلة ويأتي بنتيجة معاكسة ومغايرة للمتوقّع.

الأمر الآخر أن قدرة الموظف الحرباء على التطور قليلة للغاية، وتكاد تكون معدومة. إذ يكتسب هذا الموظف ميزته من استعراض قدراته في أكثر من مجال لاكتساب السمعة الجيدة. يأتي هذا بثمنٍ باهظ وهو عدم قدرته على مواكبة مجال واحد، ولا يعمل بشكلٍ كافٍ ليُطوّر مهارات بعينها، بل إن مخزونه الطبيعي من تطوير الذات مُنصَب مع تلوّنه لتولي مهام جديدة ومناصب مختلفة.

وهنا يبرز التساؤل الأهم،ما هو الأسلوب الذي على إدارة الموارد البشرية اعتماده للتعامل مع الموظف الحرباء وإيفائه حقوقه كاملةً في العمل؟

وبصفاتٍ كهذه، هل يُمكن أن يتولى هذا الموظف مناصب إدارية من وجهة نظرك؟