تابعت العديد من المساهمات التي تحدث أصحابها فيها عن إشتياقهم لبعض الأشياء التي تعايشوا معها صغارا، والتي ربما توقف تصنيعها قبل أن يولدوا هم، بل لربما لم يشاهدوها أصلا في بيت آبائهم، ولكنهم عرفوها وعشقوها في بيوت الأجداد!

في ليلة رأس السنة الماضية كان هناك تجمع عائلي لأسرة والدتي في بيت جدي وجدتي – رحمهما الله – حيث يحرص الأخوة على التجمع السنوى دعما لروابط المحبة والوصال، وخاصة أن كل منهم يعيش في بلد مختلفة عن الآخر وربما لا يقابله إلا تلك المرة من كل عام.

قاطع حديثنا صوت آت من أحد الغرف التي يلهوا فيها الأطفال، حيث سمعنا صوت إرتطام شئ نحاسي بالأرض وما هي إلا لحظات حتى وجدنا أن الأطفال قد قاموا بإكتشاف صندوق كارتوني قديم، لم يتم فتحه منذ سنوات.

صدقا لم أهتم كثيرا أنا وأبناء خالاتي بأمر الصندوق، ولكن إهتمام الأخوة كان لا يصدق!

لقد بدأوا يتفقدون تلك الأدوات واحدا بعد واحد، فهذا هون نحاسي، وهذا مذياع قديم، وهذه مقلاة صغيرة تكفي بالكاد لعمل بيضة مقلية!

وهذا (وبور الجاز) موقد الكيروسين، لا أصدق حتى الآن أنهم كانوا يتفحصونه ويريدون أن يشعلوه!!

كانت لحظات في غاية السعادة لهم وفي غاية الإندهاش لنا!

وما زاد من دهشتنا حرص البعض منهم على إقتناء بعض تلك الأدوات التي نجزم أنهم لن يستعملوها مطلقا ولن يستفيدوا منها بشئ، ولكن كان لديهم إصرار عجيب على أخذها والإحتفاظ بها في منزلهم الخاص.

الحنين إلى الماضي قد يتجاوز الشعور المعنوي وربما يحتاج البعض منا لإن يدعم ذلك بالشعور الحسي وإقتناء تلك الأدوات.

فكرت كثيرا في هذا الأمر، ماذا لو قام أحدهم بإعادة تصنيع تلك الأشياء، ألا يمكن أن ينجح ويكتسب شهرة واسعة، ألا يمكن أن يستهدف شريحة واسعة من العملاء الحريصين على إقتناء هذه الأدوات؟

لو كنت أنت صاحب العمل، هل من الممكن أن تقبل بهذا الأمر؟