كلنا يعلم مدى الصبر والالتزام ووضوح الرؤية الواجب توافرهم في مَنْ يرى نفسه زائد الوزن، ويريد عمل حِمْيةٍ قاسيةٍ، ليُخفف من وزنه؛ فنرى قوة إرادة وصبر في عدم انجرافه إلى أن يأكل مع أصدقائه في المطعم الذي دعوه إليه، وفي عدم تساهله بأكل الحلوى التي جلبها أحد أفراد أسرته وعرَضَها عليه، ونرى الالتزام في المداومة على أكل نوعيات معينة خفيفة من الطعام، منفردةً عن غيرها من الأكل العادي الذي يطعمه أهل بيته. فلِمَ كل هذا التعب وهذه المشقة برأيكم؟ إنه وضوح رؤيته بخطته التي وضعها للوصول للهدف النهائي الذي لا يغيب عن ذهنه، وبالصورة الجميلة المرسومة في مُخيلته عن شكله المثالي الذي سيصل إليه، فيهوِّنُ عليه مشقة الطريق.

إن ريادة الأعمال وإدارة المشروع الخاص ليسا بالأمر السهل، والطريق ليس مفروشًا بالورورد؛ ففيه المشقة والتقلبُّات والمصاعب، ولذا ينبغي أن تكون لرائد الأعمال صفاتٌ خاصةٌ، تؤهله وتجعله يصلح إلى أن نُطلق عليه "رائد أعمال ناجح"، وتمكِّنهُ من تخطي صعاب الطريق.

إنني أرى أن أهم ما سنراه في أي رائد أعمال ناجح، هم *الصبر والالتزام ووضوح الرؤية *، تمامًا كالذي يحاول تخفيف وزنه ويتحدى رغبات نفسه، واضعًا خطةً وبرنامجًا؛ ليعمل حِميةً قاسيةً يصل بها لهدفه المنشود بالنهاية.

فإذا ما بدأنا بآخر الصفات التي ذكرنا، وهي وضوح الرؤية، وجدنا أنها الأصل والبداية؛ فريادة الأعمال تقوم على ثلاثة أعمدة أساسية، هم الفكرة والخطة والتنفيذ، فإذا ما كان الشخص واضح الرؤية، تسنّى له الاختيار الصواب لفكرة مشروعه، والتي تتسم بالإبداع والتميُّز عن باقي الأفكار، ثم وضَعَ الخطة المُحكمة العميقة، وأخذ وقته في رسم تفاصيلها وجوانبها، وذلك ليصل في النهاية إلى تنفيذ ناجح.

الصفة الثانية هي الالتزام؛ فهنالك تفكير خاطئ شائع عن ريادة الأعمال، وهي أنها تتسم بالحرية المطلقة، فتنام قرير العين مرتاحًا، تستيقظ وقتما شئت، وذهنك صافٍ مما يُعكره، ولكن الأمر ليس كذلك؛ فإن المسؤوليات المُلقاة على رائد الأعمال، أكبر بكثير من النموذج الذي ينفر منه الناس غالبًا، وهو نموذج الموظف العادي بشركة! فرائد الأعمال مُلتزمٌ بوضع سياسة الشركة، وتحديثها بما يتناسب مع المُستجدات التي تطرأ، كما ويُشرف على جميع الأنشطة الحادثة بالشركة، ويضع على عاتقه حل المشكلات، وغير ذلك من أعباء ومسؤوليات.

الصفة الثالثة هي الصبر؛ وبخاصة في بداية إنشاء شركته، ومع الوقت أيضًا؛ فسوق العمل لا يسير على وتيرة واحدة، فتارة نرى صعودًا، وتارةً نرى هبوطًا، وعلى رائد الأعمال الناجح الصبر عند أوقات الهبوط، وأن يتمتع بالمرونة اللازمة لمثل هذه تقلُّبات.

شاركنا، ماذا ترى من صفات أخرى مهمة لرائد الأعمال الناجح؟