كثيرا ما أوجه السؤال التالي لأطفال الصغار "هل أنتم مبدعون؟" أتفاجى بكم من الأيادي التي ترفع تباهياً واعترافاً بالإبداع، ثم أتبع السؤال بسؤال أخر" كم تعطيني نفسك درجة من مئة؟" كانت الايادي ترفع مرة أخرى بدون أستثناء معطية درجات في أحيان كثيرة أكثر من النسبة نفسها كأن يقول أحدهم الف من مئة أو مليون من مئة. تقال هذا الكلمات بكل ثقة وأيمان بقدراتهم على الإبداع. في المقابل قمت بطرح السؤال على كثير من الكبار والموظفين قليلة هي الايدي التي تعترف بمثل هذا الذنب، وأما الإيادي التي ترفع فقد رفعت خجلة ترتجف وكأنها تخاف أن يلحظها أحد او يترصد بها مخبر. أن من أهم هذه المهارات التي يجب تنميتها التوجه الإيجابي نحو الذات بمعنى النظرة الإيجابية للإبداع داخل الشخص وثقته الإبداعية. فكما يقول المثل الدارج "فاقد الشيء لا يعطية".

من غير الممكن للمبدع أن تكون مبدعاً دون أن يكون عندك إيمان بأنك شخص مبدع وأنه قادر على ذلك، فجميع من غيّر الكون هم أشخاص مبدعين نظروا نظرة إيجابية تجاه أنفسهم وآمنوا بقدراتهم ومكنوناتهم وقدروا أهمية اختلافهم واعتبروا إختلافهم ميزة جعلتهم يبحثون عن عشقهم في تغيير العالم من خلال أفكار قد تكون منبوذة في وقت ما.

أحرص في كل الدورات التدريبية الذي أقدمها أن أغير توجهات المتدربين أولاً قبل محاولة تدريب مهارات التفكير الإبداعي والابتكار، فتغيير السلوك هو المدخل من أجل خلق المهارة فالشخص الذي يفتقد الثقة بقدرته على توليد فكرة إبداعية لن يكون حريصاً على ذلك وسيحكم توجهه عن ذاته سلوكه. أكد كثير من علماء الإبداع والابتكار أهمية التوجه الإيجابي نحو الثقة الإبداعية، فيورد كل من مايكل ميالكو هذا الأمر في كتابة "Thinkertoys" وتوم كيلي في كتابه "Creative Confidence" وتينا سيلغ، إحدى اساتذة ريادة الأعمال، في كتابها " InGenius: A Crash Course on Creativity" وكثير من الكتاب في هذا الحقل أهمية التوجه الإيجابي نحو الذات في تنمية القدرة الإبداعية وأثر "الثقة الإبداعية" في السلوك الإبداعي والقدرة على توليد الأفكار.

أعتقد أننا لو استطعنا على تغيير وزيادة عدد الأيادي المرفوعة سيكون حال مؤسساتنا مختلف تماما. نحن تنقصنا الثقة الإبداعية والايمان بالذات لنكون أكثر إبدعاً وبحاجة أيضاً للعودة للطفولة لنكون أكثر فضولا من خلال النظرة الإيجابية للقدرات الإبداعية، فكلنا نملك القدرة الإبداعية وقادرن على الإبداع إلا من أبى.