تحدي الإفتراضات المُسبَّقة

في أحد الدورات التي عقدتها لمجموعة من المتدربين طلب من منهم أن يصطفوا حسب العمر من الأكبر للأصغر "بدون كلام"، أخذ المتدربين يأشرون لبعضهم البعض برفع أصابعهم، لذا احتاجوا الكثير من الوقت. بعد هذا التمرين وجهت سؤال لهم نزل عليهم كالبرق:

  • هل لديكم أقلاما ً؟
  • أجابوا: نعم.

ثم سألت: هل لديكم أوراقاً

أجابوا: نعم

ثم سألت: لم لا تستخدموها في كتابة تورايخ ميلادك ومن ثمّ رتبتم أنفسكم حسب العمر؟

وقفوا مذهولين ومتفاجائين للوهلة الأولى ثم أخذوا يبتسمون. هل مررت يوميا بتجربة الحكم المسبق على الأشياء؟ من منا لم يمر بذلك؟! فالعقل يعمل على مبدأ التعميم إذ لا يمكن للعقل استيعاب الكم الكبير من المعلومات فيسعى للتعميم لتبسيط الأشياء. القوانين هي تعميمات بحد ذاتها تنطبق على الاستثناء لذا ينبغي أن تعلم كيف نتحدى هذه القوانين التي ينتج عنها افتراضات مسبَّقة لم تبنى على واقع أو أحداث بحد ذاتها.

المبدع يمتاز بقدرته على مواجهة القوانين ويحاول الهروب من القوانين أو الافتراضات المسبَّقة ويستطيع مواجهة الأمواج الجارفة التي تحيط به من كل صوب، فالكل يحاول أن يجعل منه نسخة جديدة لطريقة تفكير تقليدية.

تحاول كل الأنظمة من حولك أن تسحبك لتحبسك للدخول ذلك السجن وأن حاولت الخروج أو التفكير بشكل مختلف تنهال عليك أسهم الانتقاد بشتى الأنواع، ولكن هل دائما علينا أتباع التفكير الجمعي للمجتمع؟ كم عدد العلماء الذي فكروا بشكل مختلف ونبذتهم مجتمعاتهم وأنتقدوا وربما حوربوا وثبت صدق أفكارهم لاحقا سواء بحياتهم أو بعد موتهم؟ كم احتاجت نظرية كوبرنيكوس بأن الشمس هي المركز وليس الأرض من الزمن لتثبت صدقها؟ أن القدرة على تحمل الاختلاف في التفكير او أسلوب العمل هي من المهارات التي يمكن تنميتها من خلال الايمأن بأن الاختلاف أمراً حسناً ويقود لافكار حسنة.

كم هي الأشياء التي نسلكها دون وعي أو معرفة الحكمة منها وكم هو حجم هذه السلوكيات في المنظمات خاصة؟ ألا يمكن أن هذا أحد أسباب غرق المنظمات وتراجعها عندما لا تمتلك الأشخاص القادرين على تحدي هذه الافتراضات وتغيير هذه العادات الراسخة التي ربما كانت تصلح لزمن معين ولكنها لا تصلح للزمن الحالي.