وسط الكمّ الهائل من المنتجات المعروضة في الأسواق، يقف المرء حائراً أمام الماركات المختلفة، وتبدأ الأسئلة الكثيرة تحتشد في ذهنه: أي ماركة ملابس أفضل؟ أي ماركة معلبات هي "الأطيب"؟ أي كيس طحين أو سكر أو أرز هو "الأنسب"؟ أي هاتف هو "الأفضل"؟

للوهلة الأولى قد تمتدّ يد المستهلك الى المنتج الأرخص بغية توفير المال خاصة أن الأوضاع المعيشية باتت صعبة في هذه الأيام، إلا أن البعض سرعان ما يبّدلون رأيهم ويتمسكون بالمنتج الأغلى ثمناً ظناً منهم أنه "الأفضل" و"الأضمن".

لماذا "نخشى" السلع الرخيصة؟ وما هي الفلسفة الكامنة وراء الحرص على شراء المنتج الأغلى ثمناً؟ كيف نتغلب على هذا السلوك الشرائي؟

ولفهم هذا السلوك نأخذ منتجات شركة أبل وشركة سامسونج للهواتف المحمولة كمثال

1- شركة أبل:

تستند سياسة شركة أبل على أن صانعو المنتج هم من يستخدمونه، بمعنى أن المهندسين الذين يبتكرون منتجات الشركة هم من يصنعونها بأنفسهم ولأنفسهم حتى يتقمصون الأفكار الخاصة بالمستهلكين ويعلمون ما يحتاجه العملاء فعلًا، وبالتالي تنتج الشركة منتجات تناسب متطلباتهم وليس مجرد منتجات تسويقية تتمتع بتقنيات حديثة فقط لجذب العملاء.

وعلى الرغم من أن التكنولوجيا تزداد تعقيدًا بظهور تقنيات ومميزات مع مرور الوقت، وهذا ما يجعل مهمة إبقاء الأشياء سهلة الاستخدام مهمة صعبة، إلا أن شركة أبل تعد قادرة على تبني هذه التقنيات بشكل صحيح وتنجح في تحدي جعل المُنتج بسيطاً مهما احتوي من تقنيات حديثة، وحافظت شركة أبل على أرباحها من مبيعات أجهزة الهواتف المتنقلة خلال الأعوام الأخيرة لتنافس بذلك أكبر شركات تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم علي الرغم انها تخاطب مستهلك له طبيعة خاصة وفي شريحة معينة من المجتمع.

2- شركة سامسونج :

تعتمد سامسونج إستراتيجية الهيمنة، وهي ما تعني أنها لن تترك مكان في السوق، أي عليها تغطية جميع شرائح العملاء المتواجدين فيه، على سبيل المثال ستجد سامسونج تصنع هواتف محمولة بداية من إمكانيات العميل التي تساوي 2000جنية مصري مثلا، ثم تبدأ في الصعود الى أن تصل لهاتف محمول الذي يناسب متطلبات وإمكانيات العميل التي قد تساوي 28000جنية مصري وأكثر.

تقوم سامسونج في إستراتيجية تسعير المنتجات على إستهداف أكبر عدد ممكن من العملاء، ربح متوسط لكن في المقابل مبيعات أكتر وهذا يؤدي لعوائد عالية جدا، فهو يعمل على انتشار كبير للمنتج و بالتالي يكون أكبر قدر من السوق أو الـMarket share كبير للشركة.

ولكن نجد الكثير يفضل آبل و ينتظر الجديد رغم ارتفاع الأسعار.

يمكن القول إن مأساة علاقتنا بالمال تتلخص في ترجيح كفة الأشياء الثمينة، ففي الكثير من الأحيان نصاب بخيبة أمل كبيرة جرّاء عدم تمكننا من شراء سلع باهظة الثمن ونشعر حينها أن حياتنا حزينة ومملة، وننسى كل الأشياء الجميلة التي هي بمتناول يدنا ولا نلاحظها إلا بعد زوالها. وللخروج من هذه الدائرة الضيقة، يجب بذل المزيد من الجهد لتحديد تقويمنا الخاص للأشياء بغض النظر عن سعرها وكلفتها المادية .

في رأيكم كيف يمكن التغلب على هذا السلوك الشرائي؟ وهل فعلا القيمة الحقيقية للمنتج الغالي أقل من القيمة الحقيقية المنتج الرخيص "كما يقال"؟ أم أنه يستحق ثمنه؟