..

في أول ليلة بعد الفراق يشعر المرء وكأن جدار روحه قد هدم ،، يصبح الظلام حملاً يفوق طاقة الانسان وتبرد الايادي ويجف الدمع ويلوذ المرء بالصمت ويتصاعد صوت انين روحه ليفوق انين حنجرته ،،، انهُ شيئاً لا يُحكى ... وان تحدثت به ستصبح كالمجنون الذي لا يثير في نفس الأخر سوى الشفقه ...

عندما اعترف شاب بربيع عمره لفتاة بريئه بحبِه لها، صدقته وظنت بسذاجه أن الكلام كافٍ وفي هذه الكذبه عاشت .. لتعلم متأخره ان الحب لا يُحكى ... وإن أكثر المحب كلامه ستقل افعاله بنسبه معينة وملحوظه .. الحب شعور يسمو بالانسان، وعيون ناطقه والسنٌ متواضعة ... لا يحكُى فقط، هو اكبر وان سخفه المجتمع هو اعمق وان قللت من شأنه بعض المسلسلات الهابطه، الحب ادراك للذات وليس محوها ...

كنت في احدى الليالي اتأمل شوارع القريه لساعات متأخره من الليل في احدى الليالي واثناء تقلب بصري في الانحاء وجدت شاباً يجلس تحت منزل ويتأمل نافذة مغلقة وستائرها منسدله ،يتأملها بحزنٍ شديد ولم يشيح بنظره ثانيه واحده عن النافذه كان ينتظر ... ينتظر احداهن بالداخل وفي سهري كل ليلة أشاهد هذا الشاب الحزين الذي لم أراه إلا كالأم الثكلى،

في احدى الليالي البارده نزلت فتاة ذات شعر اسودٍ طويل ووجهٍ ناعم طفولي كانت تضع على كتفيها وشاح خفيف ،، هيئتها لا توحي انها قاسية كما هيئته هو ايضاً .. حدثته بصوتٍ حاد رغم ارتجافه :

لا تأتِ هنا ثانيةً، وقوفك هنا لساعات متأخره بالبرد القارص لن يغير شئ، ولن يغفر لك، ارحل افعالك اخرجتك من قلبي.

ومشت الفتاة بكل حزم دون تردد، فنزولها اليه لم يكن إلا لإنهاء الامر، وقطع اماله كلها.

اتضح الامر .. انه هو المذنب المخطئ ،، والواضح ان رصيد صبرها قد نفذ، واي شعور يكابد هذا الشاب للحد الذي جعله يفعل هذا لينال عفوها المستحيل، وأي شعور كابدت هي حتى تمتنع عن النظر اليه كل ليلة وتحدثه بكلامٍ شديد اللهجه جوفه حزين مكسور ...

لم يتفوه الشاب بكلمة كان صمته صاخب وحزمها مخيف ... هي أشياء لا تحكى .. هي مشاعر تهرم وتموت بلا مقدمات ... الاخطاء تقع والنتائج ترسم نفسها كالخطوط او تبني نفسها كحواجز بين الاشخاص، ولا تُحكى ايضاً ...

ان الحياة فجأة وبلا مقدمات تأخذ منحنى جديد وغريب علينا ، وكما قلتُ سابقاً الحياة لا تجيد المجاملات ...

لا يقتصر الامر على العاشقين ولا على المخذلوين ،، ان الامر اشمل وان انحصرت الأمثلة هنا... الحياة لا تجيد المجاملات يا رفاق ... تتصرف بغتة، وتفتح عينيك على الحقيقة بطرق لم تكن تتخيلها من قبل ،،،

نواجه خلال عمرنا مواقف ومشاهد لا نستطيع كبحها ولا فعل اي شئ حيالها سوى انتظارها تمضي ..

انتظاراً حاداً كالسيف ... يصبح الانتظار حلاً حين تتلاشى الخيارات أو تنعدم ..

هي امور لا تحكى،، بالقلب هي،، وبالروح ..

هي حديث خفي بين العبد وربه،، تنهيدات تخرج خلال ضحكات .. شرود الذهن لدقائق دون وعي ...

عمراً يمضي وكلمات تخرج،، مشاعر تدفن ومشاعر تنمو اشخاص يرحلون واخرون يعوضون ... (لا يحل احداً محل احد) ... مرحلة تنتهي ومرحلة تبدأ يوماً يمتد ببقية الايام ويوماً يموت بإرضه كما كان ...

ارضوا بالقدر ولا تكثروا السخط .. استعدوا للجديد وافتحوا ايديكم لهُ وانظروا فعل القدر ..

تذكروا إن عجز اللسان وقلت المنافذ المؤمن دائماً ينجو، دائماً ❤️